الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
969 925 - مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن يحيى بن حبان أنه سمعه يذكر : أن رجلا مر على أبي ذر بالربذة . وأن أبا ذر سأله : أين تريد ؟ فقال : أردت الحج . فقال : هل نزعك غيره ؟ فقال : لا قال : فأتنف العمل . قال الرجل : فخرجت حتى قدمت مكة . فمكثت ما شاء الله . ثم إذا أنا بالناس منقصفين على رجل . فضاغطت عليه الناس . فإذا أنا بالشيخ الذي وجدت بالربذة . يعني أبا ذر قال : فلما رآني ، عرفني .


[ ص: 360 ] 19176 - قال أبو عمر : في هذا الخبر ما كان عليه أبو ذر من العلم والفقه ، وأما زهده ، وعبادته ، فقد ذهب فيها مثلا .

19177 - سئل علي عن أبي ذر ، فقال : وعى علما عجز الناس عنه ، ثم أوكأ عليه ، فلم يخرج شيئا منه .

19178 - ومعلوم أن قول أبي ذر للرجل ، لا يكون مثله رأيا ، وإنما يدرك مثله بالتوقيف من النبي - عليه السلام - .

19179 - وفي هذا الحديث ما يدل أن الله قد رضي من عباده بقصد بيته مرة في عمر العبد ; ليحط أوزاره بذلك ، ويغفر ذنوبه ، ويخرج منها كيوم ولدته أمه ، كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " .

وقال : " من حج هذا البيت ، ولم يرفث ، ولم يفسق ، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " .

19180 - ذكر إسحاق الأزرق ، عن شريك ، عن أبي إسحاق ، عن مالك بن دينار قال : حججنا ، فلما قضينا نسكنا ، مررنا بأبي ذر ، فقال لنا : استأنفوا العمل ، فقد كفيتم ما مضى .

19181 - حدثنا عبد الوارث قال : حدثنا قاسم بن أبي ميسرة قال : حدثنا ابن أبي أويس قال : حدثني أبي ، عن عم أبيه قال : حدثنا قاسم بن أبي ميسرة ، عن ربيع بن مالك ، عن أبيه ، عن جعونة بن سعوب الليثي قال : خرجت مع عمر [ ص: 361 ] بن الخطاب ، فنظر إلى ركب صادرين من الحج ، فقال : لو يعلم الركب ما ينقلبون به من الفضل بعد المغفرة ، لا يكلفوا ، ولكن ليستأنفوا العمل ، وإذا كان هذا فليأتنف العمل كل من حج حجا مبرورا ، فطوبى لمن وقف بعد ذلك العمل الصالح .

19182 - روى سفيان الثوري ، أنه قال لمن سأله حين دفع الناس من عرفة إلى المزدلفة ، عن أخسر الناس صفقة ، وهو يعرض بأهل الفسق والظلمة ، فقال : أخسر الناس صفقة من ظن أن الله لا يغفر لهؤلاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية