الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
992 [ ص: 162 ] 948 - ذكر فيه مالك ، عن أبي الزناد ، عن سعيد بن المسيب ؛ أنه [ ص: 163 ] [ ص: 164 ] قال : كان الناس يعطون النفل من الخمس .

19844 - قال مالك : وذلك أحسن ما سمعت إلي في ذلك .


19845 - قال أبو عمر : قول مالك ( رحمه الله ) : " وذلك أحسن ما سمعت " ، ويدل على أنه قد سمع غير ذلك .

19846 - وقد أوردنا في باب " جامع النوافل في الغزو " مذاهب العلماء من السلف والخلف في هذه المسألة ، واستوفينا القول فيها في باب السلب من النفل قبل هذا .

19847 - والآثار كلها المرفوعة وغيرها تدل على صحة ما ذهب إليه من قال : إن النفل لا يكون إلا من الخمس ؛ لأن الله تعالى قد ملك الغانمين أربعة أخماس الغنيمة بعد ما استثناه على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من السلب للقاتل ، فقال - عز وجل - : واعلموا أن ما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول [ الأنفال : 41 ] فأعطى الغانمين الأربعة الأخماس بإضافة الغنيمة إليهم ، ولم يخرج منها عنهم إلا الخمس ، فدل على تمليكهم ، كما قال جل وعز : وورثه أبواه فلأمه الثلث [ النساء : 11 ] ، فدل على أن للأب الثلثين بقوله : وورثه أبواه ثم جعل للأم الثلث ، يدل على أن الثلثين للأب ، كذلك الغنيمة لما أضافها إلى الغانمين ، وجعل [ ص: 165 ] الخمس لغيرهم ، وبالله التوفيق .

19848 - ويخرج أيضا من الغنيمة : الأرض ؛ لما فعله عمر بن الخطاب في جماعة الصحابة ( رضي الله عنه ) وفيهم فقهاء ، وتأولوا في ذلك أنه الفيء ، وقد اختلف في ذلك كله على حسب ما قد ذكرناه ، والحمد لله .

19849 - قال الله تعالى : واعلموا أن ما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول الآية [ 41 من سورة الأنفال ] ، فما كان للرسول ومن ذكر معه جرى مجرى الفيء ، وكان له في قسمته الاجتهاد على ما وردت في ذلك السنة عنه - صلى الله عليه وسلم - .

[ ص: 166 ] 19850 - وقد مضى في ذلك ما فيه كفاية .

التالي السابق


الخدمات العلمية