الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 169 ] ( 12 ) باب القسم للنخيل في الغزو

949 - وذكر مالك أنه بلغه أن " عمر بن عبد العزيز كان يقول : للفرس سهمان . وللرجل سهم .


19860 - قال مالك : ولم أزل أسمع ذلك .

19861 - قال أبو عمر : أما ما حكاه عن عمر بن عبد العزيز ، فهو محفوظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عند العلماء .

19862 - أخبرنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : أبو داود قال : حدثنا أحمد بن حنبل ، قال : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسهم لرجل ثلاثة سهمان : سهم له وسهمان لفرسه .

[ ص: 170 ] 19863 - قال أبو عمر : هكذا رواه جماعة عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر كما رواه أبو معاوية منهم : عبد الله بن نمير ، وأبو أسامة ، وسليم بن أخضر .

19863 - وروي من حديث أبي عمرة الأنصاري وابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

19864 - قال أبو عمر : اختلف العلماء في هذا الباب .

19865 - فقال مالك ، وسفيان الثوري ، والأوزاعي ، والليث بن سعد ، والشافعي ، وأبو يوسف ، ومحمد : يسهم للفارس ثلاثة أسهم : سهمان للفرس ، وسهم لراكبه .

19866 - وقال أبو حنيفة : للفارس سهمان وللراجل سهم .

[ ص: 171 ] 19867 - وروي مثل قول أبي حنيفة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث مجمع بن جارية ، وعن علي بن أبي طالب ، وأبي موسى الأشعري مثله ، رواه شعبة ، عن إسحاق ، عن هانئ بن هانئ ، عن علي - رضي الله عنه .

[ ص: 172 ] 19868 - وروي مثل قول مالك ومن تابعه عن : ابن عباس ، ومجاهد ، وعمر بن عبد العزيز ، والحسن ، وابن سيرين ، والحكم بن عيينة ، وعن عمرو بن ميمون .

19869 - وبه : قال أحمد ، وإسحاق ، وأبو عبيد ، وأبو ثور ، وداود ، والطبري .

19870 - وقد روى سعيد بن داود ابن أبي زبير ، عن مالك بن أنس ، عن أبي الزناد ، عن خارجة بن زيد بن ثابت ، عن أبيه ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى الزبير يوم حنين أربعة أسهم : سهما له مع المسلمين ، وسهمين للفرس ، وسهما للقربى .

19871 - وهذا حديث أنكروه على سيد بن الزبير ، لم يتابعه أحد عليه عن مالك .

19872 - والمعروف في هذا الحديث ما رواه سفيان بن عيينة وغيره ، عن هشام بن عروة ، عن يحيى في عباد بن عبد الله بن الزبير مرسلا منقطعا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

19873 - وأما قول مالك في هذا الباب : " لا أرى أن يسهم إلا لفرس واحد ، الذي يقاتل عليه ، وإن دخل الرجل بأفراس عدة ، لم أر أن يسهم منها إلا لواحد " ، فهو قول الشافعي وأبي حنيفة ، ومحمد بن الحسن .

[ ص: 173 ] 19874 - وروى أبو حبان التيمي ، واسمه يحيى بن سعيد مثله .

19875 - وقال الثوري ، والأوزاعي ، وأبو يوسف ، والليث : يسهم لفرسين .

19876 - قال أبو عمر : وممن قال : يسهم لفرسين : الحسن البصري ، ومكحول الشامي ، ويحيى بن سعيد الأنصاري .

19877 - واختار : محمد بن الجهم المالكي ، وقد قال : رأيت أهل الثغور يسهمون لفرسين ، وتأملت أئمة التابعين بالأمصار ، فرأيت أكثرهم يسهمون لفرسين .

19878 - قال أبو بكر : لا أعلم أحدا أسهم لأكثر من فرسين إلا ما رواه ابن جريج ، عن سليمان بن موسى ، قال : إذا أدرب الرجل بأفراس ، قسم لكل فرس سهمان .

19879 - وأما قول مالك في البراذين والهجن أنها من الخيل يسهم لها ، فهو قول : الثوري ، وأبي حنيفة ، والشافعي : البرذون والفرس عندهم سواء .

19880 - وقد احتج مالك في موطئه بأن البراذين خيل ؛ لقوله تعالى : والخيل والبغال والحمير [ النحل : 8 ] .

19881 - ويقول سعيد بن المسيب أنه سئل عن البراذين هل فيها من صدقة ؟ فقال : وهل في الخيل من صدقة ؟ .

19882 - وقال الحسن : " البراذين بمنزلة الخيل " . رواه ابن حسان عنه .

19883 - وقال الأوزاعي : كانت أئمة المسلمين فيما سلف يسهمون للبراذين حتى هاجت الفتنة من بعد قتل الوليد بن يزيد .

[ ص: 174 ] 19884 - وقال الليث : للهجين والبرذون منهم مثل سهم الفرس ، ولا يلحقان بالعراب .

19885 - وقال عمر بن عبد العزيز : تلحق البراذين بسهام الخيل إذا أدركت ما تدرك الخيل .

19886 - وروي هذا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه .

19887 - وروي أيضا عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى عامله : " إذا كان البرذون رائع المنظر ، حسن الجري ، فأسهم له سهم العراب .

19888 - وقال مكحول : أول من أسهم للبراذين خالد بن الوليد يوم دمشق ، أسهم للبراذين نصف سهمان الخيل ؛ لما رأى من جريها وقوتها ، وكان يعطي للبراذين سهما سهما ، وللفرس سهمين .

19889 - قال أبو عمر : هذا حديث منقطع ، لم يسمعه مكحول من خالد ، ولا أدركه .

[ ص: 175 ] 19890 - ذكر أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا الصباح بن ثابت البجلي ، قال : سمعت الشعبي يقول : إن المنذر بن الدهن بن أبي حميصة خرج في طلب العدو ، فلحقت الخيل العراب وتقطعت البراذين ، فأسهم للعراب سهمين ، وللبراذين سهما ، ثم كتب بذلك إلى عمر بن الخطاب فأعجبه ذلك ، فجرت سنة للخيل بعد . قال : وحدثنا سفيان بن عيينة ، عن الأسود بن قيس وإبراهيم بن محمد بن المنتشر ، عن علي بن الأقمر ، قال : أغارت الخيل بالشام ، فأدركت العراب من يومها ، وأدركت البراذين ضحا الغد ، فقال ابن أبي حميصة : لا أجعل ما أدرك كما لم يدرك ، وكتب إلى عمر ؟ فقال عمر : " هبلت الوادعي أمه ! لقد أذكرت به ، أمضوها على ما قال " .

19891 - قال أبو عمر : هكذا قال ابن أبي شيبة ، عن ابن عيينة ، عن الأسود بن قيس وإبراهيم بن المنتشر ، عن ابن الأقمر ، وهو غلط منه .

19892 - وإنما حديث ابن المنتشر ، عن أبيه ، وحديث الأسود بن قيس ، عن كلثوم بن الأقمر .

19893 - كذلك رواه الثوري وشريك ، عن الأسود بن قيس ، عن كلثوم بن الأقمر أن المنذر بن الدهن بن أبي حميصة خرج في طلب العدو ، فلحقت الخيل [ ص: 176 ] وذكر معناه .

19894 - حدثنا محمد بن عبد الملك ، قال : حدثنا عبد الله بن مسرور ، قال : حدثنا عيسى بن مسكين ، قال : حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن إبراهيم بن محمد المنتصر ، عن أبيه قال : أغارت الخيل بالشام ، وعلى الناس رجل من همدان يقال له : المنذر بن أبي حميصة ، فأدركت العراب من يومها ، وأدركت البراذن ضحا الغد ، فقال : لا أجعل ما أدرك كما لم يدرك ، فكتب إلى عمر في ذلك ، فكتب عمر : فضلت الوادعي أمه لقد أذكرت به أمضوها على ما قال .

19895 - وهو أول من سن في الإسلام سنة الخيل والبراذين .

19896 - قال سفيان بن عونة : قال الشاعر في ذلك :


ومنا الذي قد سن في الخيل سنة وكانت سواء قبل ذاك سهامها



19897 - ذكر أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا حفص بن غياث ، عن أشعث ، عن الحسن ، قال للمقرف وهو الهجين له سهم ولصاحبه سهم .

19898 - قال : حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن يزيد بن جابر ، عن مكحول مثله .

[ ص: 177 ] 19899 - قال : وحدثنا عيسى بن يونس ، عن الأوزاعي ، قال : لم يكن أحد من علمائنا يسهمون للبرذون .

19900 - قال : وحدثنا وكيع ، عن سفيان ، قال : الفرس والبرذون سواء .

التالي السابق


الخدمات العلمية