الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
999 [ ص: 214 ] ( 14 ) باب الشهداء في سبيل الله

955 - ذكر فيه مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " والذي نفسي بيده ، لوددت أني أقاتل في سبيل الله ، فأقتل . ثم أحيا فأقتل ثم أحيا فأقتل . فكان أبو هريرة يقول ثلاثا : أشهد بالله .


[ ص: 215 ] 20102 - قال أبو عمر : في هذا الحديث إباحة اليمين بالله على كل ما يعتقده المرء مما يحتاج فيه إلى يمين ، ومما لا يحتاج إلى ذلك ، ليس بذلك بأس على كل حال ، بل فيه تأس بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فإنه كان كثيرا يقول في كلامه : " لا والذي نفس محمد بيده ، لا ومقلب القلوب " ، وذلك ؛ لأن في اليمين بالله تعالى توحيدا وتعظيما ، وإنما يكره الحنث وتعمده .

20153 - وأما قول أبي هريرة ثلاثا : " أشهد بالله " ، فإنما ذلك لتطمئن نفس سامعه إليه ، ويعلم أنه لا يشك فيما حدثه به .

20104 - وفيه إباحة تمني الخير والفضل من رحمة الله بما يمكن ، وما لا يمكن ، لأن فيه إظهار المحبة في الخير والرغبة فيه ، والأجر يقع على قدر النية .

20105 - فدليل قوله - عليه السلام - في الذي تجهز من أصحابه بالغزو ومات قبل أن يخرج أن الله - عز وجل - قد أوقع أجره على قدر نيته .

20106 - ومعنى الحديث الذي من أجله ورد فضل الجهاد ، وفضل القتال في سبيل الله ، وفضائل الشهداء والشهادة كثيرة جدا .

20107 - حدثنا سعيد بن نصر ، قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا محمد ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا علي بن المبارك ، عن محمد بن أبي كثير بن عامر العقيلي ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال :

[ ص: 216 ] قال رسول - صلى الله عليه وسلم - : " أول ثلاثة يدخلون الجنة : الشهيد ، ورجل عفيف ضعيف ذو عبادة ، وعبد أحسن عبادة ربه ، وأدى حق مواليه ، وأول ثلاثة يدخلون النار : أمير تسلط ، وذو ثروة من مال لا يؤدي حقه ، وفقير فجور .

التالي السابق


الخدمات العلمية