الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1006 [ ص: 250 ] ( 15 ) باب ما تكون فيه الشهادة

962 - مالك ، عن زيد بن أسلم ؛ أن عمر بن الخطاب كان يقول : اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك ، ووفاة ببلد رسولك .


20236 - قال أبو عمر : روى هذا الحديث معمر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه : أن عمر بن الخطاب ، قال : اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك ووفاة في مدينة رسولك .

20237 - وهذا الحديث يدل على أن المقتول ظلما شهيد في غزاة ، أو في غير غزاة ، في بلاد الحرب وغيرها .

20238 - وقد أجاب الله تعالى دعوة عمر إذ قتله كافر ، ولم يجعل الله قتله بيد مسلم ، كما كان يتمناه لنفسه .

20239 - ويدل أيضا هذا الحديث على فضل المدينة لتمني عمر أن يكون وفاته بها ، كما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الباب قبل هذا من قوله : " ما على الأرض بقعة أحب إلي أن يكون قبري بها منها .

20240 - ولم ينكر أحد من العلماء للمدينة فضلها على سائر البقاع إلا مكة ، فإن الآثار والعلماء اختلفوا في ذلك ، ولم يكن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا للمهاجرين من مكة معه سبيل إلى استيطان مكة ، لما تقدم ذكرنا له ، فمن هنا لم نجد لمكة ذكرا [ ص: 251 ] في حديث عمر ، والله أعلم .

20241 - وفي هذا الباب عند أكثر رواة الموطأ حديث جابر بن عبيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : الشهداء سبعة سوى القتل في سبيل الله ، فذكر : المطعون ، والمبطون ، والغريق ، والحريق ، وصاحب ذات الجنب ، والذي يموت تحت الهدم ، والمرأة تموت بجمع .

20242 - وقد مضى القول في هذا المعنى من رواية يحيى في الموطأ .

20243 - ويدخل في هذا الباب لأنه مما تكون فيه الشهادة .

20244 - ويدخل فيه قول عمر : الشهيد من احتسب نفسه على الله .

20245 - ذكر عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، قال : " مر عمر بقوم وهم يذكرون سرية هلكت ، فقال بعضهم : هم شهداؤهم في الجنة ، وقال بعضهم : لهم ما احتسبوا ، فقال عمر : إن من الناس من يقاتل رياء ، ومنهم من يقاتل حمية ، ومنهم من يقاتل إذا دهمه القتال ورهقه ، ومنهم من يقتل ابتغاء وجه الله ، فأولئك الشهداء ، وإن كل نفس تبعث على ما تموت عليه ، ولا تدري نفس ما يفعل بها ، إلا الذي قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر - يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

20246 - وروى أبو العجفاء ، عن عمر بن الخطاب ، أنه قال في خطبة خطبها : تقولون في مغازيكم قتل فلان شهيدا ، ولعله قد أوقر دابته غلولا ، لا تقولوا [ ص: 252 ] ذلك ، ولكن قولوا : من قتل في سبيل الله ، فهو في الجنة .

20247 - وروى الثوري ، عن صالح ، عن أبي عاصم ، عن أبي هريرة ، قال : إنما الشهيد الذي لو مات على فراشه دخل الجنة ، يعني الذي يموت على فراشه ولا ذنب له .

التالي السابق


الخدمات العلمية