الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1010 966 - مالك ، عن يحيى بن سعيد ، أن عمر بن الخطاب كان يحمل في العام ، الواحد على أربعين ألف بعير . يحمل الرجل إلى الشام على بعير . ويحمل الرجلين إلى العراق على بعير . فجاءه رجل من أهل العراق ، [ ص: 272 ] فقال : احملني وسحيما . فقال له عمر بن الخطاب نشدتك الله ! أسحيم زق ؟ قال له : نعم .


20325 - قال أبو عمر : الحمل على الإبل والخيل سنة مسنونة من مال الله ، ومن مال من شاء أن يتطوع في سبيل الله ، قال الله - عز وجل - ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه الآية [ التوبة : 92 ] .

20326 - وروى أبو مسعود الأنصاري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أتاه رجل ، فقال : يا رسول الله ! إنه أبدع بي فاحملني ، فقال له : ائت فلانا ، فاستحمله ، فأتاه ، فحمله ، ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأخبره ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الدال على الخير كفاعله " .

20327 - وقد ذكرنا هذا الحديث من طرق في صدر كتاب العلم .

20328 - ومن حديث أبي موسى الأشعري أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - في رهط من الأشعريين يستحملونه ، فوجدوه غضبان ، فقال له : " والله لا أحملكم " ، ثم [ ص: 273 ] حملهم على الإبل ، قال : " ولا أحلف على يمين ، فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يميني ، وأتيت الذي هو خير " .

[ ص: 274 ] 20329 - وذكر أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا عبدة بن سعيد ، عن قتادة : أن عثمان حمل في جيش العسرة على ألف بعير إلا سبعين .

20330 - وروى سفيان بن عيينة ، عن ابن جرير ، عن عطاء ، عن صفوان بن يعلى بن أمية ، عن أبيه قال : غزوت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - غزوة تبوك ، فحملت فيها على بكر ، فكان أوثق عملي في نفسي .

20331 - وأما حمل عمر - رضي الله عنه - الرجل من أهل الشام على بعير ، والرجلان من أهل العراق على بعير ، فذلك عندي على حسب ما أداه اجتهاده إليه ، عسى أن يكون ذلك في عام دون عام ، لما رآه من أهل العراق وأهل الشام ، فاجتهد في ذلك ، وما أحسب ذلك كان إلا من العطاء لأهل الديوان بعينهم عام غزوا .

20332 - وأما فراسته في الذي ألغز له وأراد التحيل عليه ؛ ليحمل على بعير وهو عراقي من بين سائر أهل العراق ، ففطن له ، فلما ناشده الله صدقه أنه عنى بقوله :

[ ص: 275 ] " سحيما " ، زقا كان في رحله ، فذلك معروف من ذكاء عمر وفطانته ، وكان يتفق ذلك كثيرا .

20333 - ألا ترى إلى قوله للذي قال له : ما اسمك ؟ .

قال : جمرة .

قال : ابن من ؟ قال : ابن شهاب . قال : ممن ؟ قال : من الحرقة .

قال : أين مسكنك ؟ .

قال : بحرة النار ، قال : فأيها ؟ قال : بذات لظى ، قال عمر : أدرك أهلك ، فقد احترقوا .

فكان كما قال عمر .

20334 - ذكره مالك أيضا عن يحيى بن يحيى .

20335 - وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من طرق حسان أنه قال : " سيكون في أمتي محدثون ، فإن يكن فعمر ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية