الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1014 وفي هذا الباب أيضا

970 - عن يحيى بن سعيد ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رغب في الجهاد ، وذكر الجنة ، ورجل من الأنصار يأكل تمرات في يده . فقال : إني لحريص على الدنيا إن جلست حتى أفرغ منهن ، فرمى ما في يده . فحمل بسيفه ، [ ص: 296 ] فقاتل حتى قتل .


20405 - قال أبو عمر : هذا الحديث محفوظ معناه من حديث ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، قال : سمعت جابر بن عبد الله ، فذكر معناه .

20406 - حديث حدثناه عبد الوارث قال : حدثنا قاسم قال : حدثنا محمد بن عبد السلام ، قال : حدثنا محمد بن أبي عمر ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو ، سمع جابر بن عبد الله يقول : قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد : يا رسول الله ! إن قتلت أين أنا ؟ قال : " أنت في الجنة " ، فألقى تمرات كن في يده ثم قاتل حتى قتل .

20407 - قال أبو عمر : هذا الرجل عمير بن الحمام الأنصاري السلمي فيما ذكر ابن إسحاق .

20408 - قال ابن إسحاق : ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس ، يعني يوم بدر ، فحرضهم على القتال ، ونفل كل امرئ ما أصاب ، قال : " والذي نفسي بيده ، لا يقاتلهم اليوم رجل ، فيقتل صابرا محتسبا ، مقبلا غير مدبر ، إلا أدخله الله الجنة .

[ ص: 297 ] 20409 - قال عمير بن الحمام أحد بني سلمة - وفي يده تمرات يأكلهن : بخ بخ ، فما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء ، ثم قذف التمرات من يده ، وأخذ سيفه ، وقاتل حتى قتل ، وهو يقول :


ركضا إلى الله بغير زاد إلا التقى وعمل المعاد     والصبر في الله على الجهاد
وكل زاد عرضة للنفاد     غير التقى والبر والرشاد

20410 - قال أبو عمر : ما أظن الرجل الذي في خبر جابر هو عمير بن الحمام ؛ لأن ذلك يوم أحد ، وحديث عمير يوم بدر .

20411 - وأما مالك لم يذكر في حديثه يوما .

20412 - قال أبو عمر : ليس في حديث يحيى بن سعيد ، ولا حديث جابر ما يدل على أن عمير بن الحمام حمل وحده على كتيبة الكفار ، ولو فعل ذلك كان حسنا ، وكانت مع ذلك له شهادة .

20413 - حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عبد الله بن يونس ، قال : حدثنا بقي قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا محمد بن عدي ، عن محمد بن سيرين ، قال : جاءت كتيبة من قبل المشرق من كتائب الكفار ، فلقيها رجل من الأنصار ، فحمل عليهم ، فخرق الصف حتى خرج ، ثم كر راجعا ، حتى رجع ، صنع ذلك مرتين ، أو ثلاثا ، فإذا .

[ ص: 298 ] سعد بن هشام ، فذكر ذلك لأبي هريرة ، فتلا : ومن الناس من يشري نفسه الآية [ البقرة : 207 ] .

20414 - وقد روى سفيان بن عيينة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن حازم ، أن رجلا قتل العدو خاله ، فقال لعمر بن الخطاب : يا أمير المؤمنين : إن ناسا يزعمون أن خالي ألقى بنفسه إلى التهلكة ، فقال عمر : بل هو من الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة .

20415 - وقد روي عن عمر بن الخطاب خلاف هذا .

20416 - ذكره ابن عيينة ، عن أبي إسحاق الشيباني ، قال : سمعت المعرور بن سويد يقول : إن عمر بن الخطاب ذكر له رجل قتل بين يدي صف ، فقال عمر : لأن أموت على فراشي أحب إلي أن أقتل بين يدي صف ، يعني أن يستقبل .

20417 - وذكره ابن عيينة أيضا ، عن الحسن بن عمارة ، عن واصل الأحدب ، عن المعرور ، عن عمر مثله ، وزاد : وليس خروجه عن مكانه عظيم الغنى عن أصحابه .

20418 - قال سفيان : وقد يكون خارجا من الصف ، وهو شاذ لمكانه .

[ ص: 299 ] 20419 - وروى معمر ، عن الحسن قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقاتل ، فقال : يا رسول الله ! احمل عليهم ، فقال : أتريد أن تقتلهم .

20420 - قال أبو عمر : هذا حديث ليس إسناده بالقوي .

20421 - وأحسن ما قيل في معنى قول الله تعالى : ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة [ البقرة : 195 ] ، ذلك في ترك النفقة في سبيل الله ، والله أعلم .

20422 - ذكر أبو بكر ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن منصور ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة [ البقرة : 195 ] ، أنفق في سبيل الله ، ولو بمشقص .

20423 - قال : وحدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن عباس بن الأسود عن مجاهد ، قال : إذا لقيت العدو فاثبت ، فإنما نزلت هذه الآية في النفقة .

التالي السابق


الخدمات العلمية