الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1016 [ ص: 302 ] ( 19 ) باب ما جاء في الخيل والمسابقة بينها ، والنفقة في الغزو

972 - مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة " .


20431 - قال أبو عمر : في هذا الحديث الحض على اكتساب الخيل .

20432 - وفيه تفضيلها على سائر الدواب ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأت عنه في غيرها مثل هذا القول ، وذلك تعظيم منه لشأنها ، وحض على اكتسابها ، وندب لارتباطها في سبيل الله ، عدة للقاء العدو ، إذ هي من أقوى الآلات في جهاده .

20433 - فالخيل المعدة للجهاد هي التي في نواصيها الخير ، وما كان معدا منها للفتن وسلب المسلمين فتلك كما قال ابن عمر : " خيل الشيطان " .

20434 - وقد استدل جماعة من العلماء بأن الجهاد ماض إلى يوم القيامة تحت راية كل بر وفاجر من الأئمة بهذا الحديث ؛ وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فيه : إلى [ ص: 303 ] يوم القيامة ، والمجاهدون تحت راياتهم يغزون .

20435 - وقد ذكرنا في " التمهيد " حديث أسماء بنت يزيد بن السكن ، عن النبي - عليه السلام - أنه قال : " الخيل في نواصيها الخير معقود أبدا إلى يوم القيامة ، فمن ربطها عدة في سبيل الله ، وأنفق عليها ، فإن شبعها وجوعها وريها ، وظمأها وأرواثها وأبوالها في موازينه يوم القيامة ، ومن ربطها فرحا ومزحا وسمعة ورياء ، فإن شبعها وريها وظمأها ، وأرواثها وأبوالها خسران في موازينه يوم القيامة .

20436 - وفي قوله عليه السلام : " الخيل معقود في نواصيها الخير ، وقوله : " البركة في نواصي الخيل ، ما يعارض رواية من روى " الشؤم في المرأة والدار ، والفرس " ، ويعضد رواية من روى : " لا شؤم " ، وقد يكون اليمن في الفرس والمرأة والدار ، وسيأتي هذا المعنى في بابه من كتاب " الجامع " : إن شاء الله .

20437 - وروى شعبة عن أبي التياح ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " البركة في نواصي الخيل " .

[ ص: 304 ] 20438 - وقد ذكرنا إسناد هذا الحديث من طرق في " التمهيد " ، وذكرنا فيه أيضا حديث عروة بن أبي الجعد البارقي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة : الأجر ، والمغنم " ، من طرق ، رواه الشعبي ، عن عروة البارقي .

20439 - وقد رواه عنه شبيب بن غرقدة ، حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا محمد ، قال : حدثنا ابن أبي عمر ، قال : حدثنا سفيان ، عن شبيب بن غرقدة ، سمعه من عروة البارقي ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " الخير معقود بنواصي الخيل " .

20440 - قال شبيب : فرأيت ذلك في دار عروة بن أبي جعد سبعين فرسا رغبة منه في رباط الخيل .

20441 - وحديث جرير قال : " رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلوي ناصية فرس بأصبعه ، ويقول : " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة : الأجر والغنيمة .

[ ص: 305 ] 20442 - قوله عليه السلام : " يمن الخيل في شقرها " ، وقوله : " خير الخيل الأدهم الأقرح " .

20443 - وروي عنه : " أنه كره الشكال من الخيل " ومعناه أن تكون منه ثلاث قوائم محجلة وواحدة مطلقة ، أو تكون الثلاثة مطلقة والواحدة محجلة .

20444 - وقوله عليه السلام : " عليكم بكل كميت أغر محجل " أو " أشقر أغر محجل " " أو أدهم أغر محجل " .

[ ص: 306 ] 20445 - وقد ذكر هذه الأحاديث أبو عبد الرحمن النسائي وغيره .

20446 - وذكرنا منها في " التمهيد " ما فيه كفاية .

التالي السابق


الخدمات العلمية