الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1044 [ ص: 142 ] ( 3 ) باب النهي عن ذبح الضحية قبل انصراف الإمام

1001 - مالك ، عن يحيى بن [ ص: 143 ] سعيد ، عن بشير بن يسار ؟ أن أبا بردة بن نيار ذبح ضحيته ، [ ص: 144 ] قبل أن يذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الأضحى . فزعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أمره أن يعود بضحية أخرى .

قال أبو بردة : لا أجد إلا جذعا يا رسول الله . قال وإن لم تجد إلا جذعا فاذبح " .


[ ص: 145 ] 1002 - مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن عباد بن تميم أن عويمر بن أشقر ذبح ضحيته قبل أن يغدو يوم الأضحى . وأنه ذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمره أن يعود بضحية أخرى .


21326 - قال أبو عمر : أما حديث يحيى بن سعيد هذا عن عباد بن تميم فظاهره - في رواية مالك - الانقطاع .

21327 - وكذلك قال يحيى بن معين : هو مرسل .

21328 - ذكر ذلك عنه أحمد بن زهير ، وليس هو عندي كذلك ؟ لأن حماد بن سلمة روى عن يحيى بن سعيد ، عن عباد بن تميم أن عويمر بن أشقر ذبح قبل أن يصلي ، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعيد .

[ ص: 146 ] 21329 - ورواه الدراوردي عن يحيى بن سعيد ، عن عباد بن تميم : أن عويمر بن أشقر أخبره أنه ذبح قبل الصلاة ، وذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمره أن يعيد أضحيته ، فرفع الدراوردي الإشكال في ذلك ، وبين في روايته أن الحديث متصل مسند .

21330 - وأما لفظ حديث مالك : ذبح أضحيته قبل أن يغدو إلى المصلى فلا خلاف بين العلماء أن من ذبح ضحيته قبل أن يغدو إلى المصلى ، وبعد الصلاة ، فقد فعل ما لا يجب ، وأنه لا ضحية له ، وأن عليه إعادة ما أفسد من ضحيته تلك إذا ذبحها قبل وقتها .

21331 - وإنما اختلفوا فيمن ذبح بعد الصلاة ، وقبل أن يذبح الإمام على ما تراه فيما بعد من هذا الباب إن شاء الله .

21332 - وأما حديث يحيى بن سعيد ، عن بشير بن يسار في أول هذا الباب .

21333 - ورواه رواة الموطأ ، وورد كما رواه يحيى ، عن مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن بشير بن يسار ، أن أبا بردة ذبح ضحيته قبل أن يذبح رسول الله [ ص: 147 ] - صلى الله عليه وسلم - . . الحديث .

21334 - كذلك رواه يحيى بن سعيد القطان عن يحيى بن سعيد ، عن بشير بن يسار ، عن أبي بردة بن نيار أنه ذبح ، وذكر الحديث .

21335 - وقصة أبي بردة بن نيار ، في ذلك محفوظة من حديث البراء بن عازب ، رواها الشعبي عن البراء ، ورواها عن الشعبي جماعة منهم : منصور بن المعتمر ، وداود بن أبي هند ، ومطرف بن طريف ، وزبيد اليامي وعاصم الأحول وسيار ، كلهم يروونه عن الشعبي ، عن البراء .

21336 - ومن رواه عن الشعبي ، عن جابر ، فقد أخطأ .

21337 - وفي حديث البراء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بردة بن نيار : تلك شاة لحم ، قال : فإن عندي عناقا جذعة خيرا من شاة لحم ، فهل تجزئ عني ؟ قال : نعم ، ولن تجزئ عن أحد بعدك .

21338 - وقد ذكرنا هذا الحديث بإسناده ، وطرقه في " التمهيد .

21339 - وفي حديث مالك في الفقه أن الذبح لا يجوز قبل ذبح الإمام ؟ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر الذي ذبح قبله بالإعادة ، وقد أمر الله - عز وجل - عباده بالتأسي [ ص: 148 ] بنبيه - صلى الله عليه وسلم - ، وحذرهم عن مخالفته .

21340 - وقد أجمع العلماء على أن الأضحى مؤقت بوقت ، إلا أنهم اختلفوا في تعيين ذلك الوقت على ما نورده عنهم في بابه من هذا الكتاب . إن شاء الله .

21341 - وأجمعوا على أن الذبح لأهل الحضر لا يجوز قبل الصلاة ؟ لقوله - صلى الله عليه وسلم - ومن ذبح قبل الصلاة فإنما هي شاة لحم .

21342 - وأما الذبح بعد الصلاة ، وقبل ذبح الإمام ، فموضع اختلف فيه العلماء ، واختلفت فيه الآثار أيضا .

21343 - فذهب مالك ، والشافعي ، وأصحابه والأوزاعي إلى أنه لا يجوز لأحد أن يذبح أضحيته قبل أن يذبح الإمام .

21344 - وحجتهم حديث مالك في هذا الباب عن يحيى بن سعيد ، عن بشير بن يسار : أن رسول - الله صلى الله عليه وسلم - أمر أبا بردة بن نيار أن يعود بضحية أخرى ، وكان ذبح قبل أن يذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

21345 - وروى ابن جريج ، عن أبي الزيير ، عن جابر : أن النبي - عليه السلام - صلى يوم النحر ، بالمدينة ، فتقدم رجال ، فنحروا ، وظنوا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نحر ، فأمر من كان نحر قبله أن يعيد بذبح آخر ، ولا ينحر حتى ينحر النبي [ ص: 149 ] عليه السلام .

21346 - وقال معمر ، عن الحسن في قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله [ الحجرات : 1 ] في قوم ، ذبحوا قبل أن ينحر النبي - صلى الله عليه وسلم - أو قبل أن يصلي ، فأمرهم أن يعيدوا .

21347 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه ، والثوري ، والليث بن سعد : لا يجوز ذبح الأضحية قبل الصلاة ، ويجوز بعدها قبل أن يذبح الإمام ؟ لأن الإمام ، وغيره فيما يحل من الذبح ويحرم سواء ، فإذا أحل الإمام الذبح حل لغيره ، ولا معنى لانتظاره .

21348 - وحجتهم حديث الشعبي ، عن البراء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال من نسك قبل الصلاة ، فإنما هي شاة لحم .

21349 - وقال داود بن أبي هند ، وعاصم ، عن الشعبي عن البراء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من ذبح قبل الصلاة ، فليعد " .

[ ص: 150 ] 21350 - ومن حديث أنس ، وجندب البجلي ، عن النبي - عليه السلام - مثله .

[ ص: 151 ] 21351 - وذكر الطحاوي حديث ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أنه أمر من نحر قبله أن يعيد ضحيته ، وقال : لا حجة فيه ؟ لأنه قد خالفه حماد بن سلمة ؟ فرواه عن أبي الزبير ، عن جابر : أن رجلا ذبح أضحيته قبل أن يصلي ، فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يذبح أحد قبل الصلاة .

21352 - قال أبو عمر : معروف عند العلماء أن ابن جريج أثبت في أبي الزيير من حماد بن سلمة ، وأعلم به ، وليس في حديث حماد بن سلمة ، ولا في الأحاديث عن البراء ، ولا عن أنس ، ولا عن جندب إلا النهي عن الذبح قبل الصلاة .

21353 - وهذا موضع لا خلاف فيه ، ولا حجة لمن نزع به في أن الذبح [ ص: 152 ] بعد الصلاة ، وقبل ذبح الإمام جائز ، لأنه ليس في نهيه - عليه السلام - عن الذبح قبل الصلاة دليل على أن الذبح بعد الصلاة قبل الإمام جائز ، هذا لو لم يكن نص ، فكيف وهذا النص الثابت من حديث جابر ، ومرسل بشير بن يسار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر من ذبح قبل أن يذبح بالإعادة .

21354 - حدثني أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي قال : حدثني الميمون بن حمزة ، قال : حدثني الطحاوي ، قال : حدثني المزني ، قال : حدثني الشافعي ، قال : أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن البراء بن عازب : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام يوم النحر خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال لا يذبحن أحد قبل أن نصلي .

قال : فقام خالي ، فقال : يا رسول الله هذا يوم اللحم فيه معدوم ، وإني ذبحت نسيكتي ، وأطعمت أهلي ، وجيراني ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : متى فعلت ؟ قال : قبل الصلاة ، قال : " فأعد ذبحا آخر " - فقال : عندي عناق لبن هي خير من شاتي لحم ، فقال : هي خير من نسيكتيك ، ولن تجزئ عن أحد بعدك
.

[ ص: 153 ] 21355 - قال عبد الوهاب : أظن أنها ماعز .

21356 - قال الشافعي : هي ما نحروا ، إنما يقال للضأنية : رخل .

21357 - قال الشافعي : وإنما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث : خير نسيكتيك ، وإن كانت الواحدة هي النسك ، والأول شاة لحم ؟ لأنه ذبحها يتولى بها النسك ، فلم تجز عنه الأولى ، وإن كانت أراد بها النسك ، وجزت عليه الآخرة ؟ لأنه ذبحها في وقت النسك ، فكانت خيرها ; لأنها جزت .

21358 - قال : وقوله : ولن تجزئ عن أحد بعدك - يعني العناق - وكانت له خاصة ، ولا تجزئ الجذع لغيره إلا من الضأن خاصة دون سائر الأنعام .

21359 - قال أبو عمر : لا خلاف علمته بين العلماء أن الجذع من المعز لا [ ص: 154 ] يجزئ هدية ، ولا ضحية ، والذي يجزئ في الضحية ، والهدي : الجذع من الضأن ، فما فوقه ، والثني مما سواه ، فما فوقه من الأزواج الثمانية .

21360 - والجذع من الضأن ابن سبعة أشهر ، قيل : إذا دخل فيها ، وقيل : إذا أكملها .

21361 - وعلامته أن يرقد صوف ظهره قبل قيامه . فإذا كان ذلك : قالت الأعراب : فذا جذع .

21362 - وثني المعز إذا تمت له سنة ، ودخل في الثانية .

21363 - وثني البقر إذا أكمل له سنتان ، ودخل في الثالثة .

21364 - والثني من الإبل إنما كمل له خمس سنين ، ودخل في السادسة .

21365 - قال أبو عمر : أجمعوا أن من ذبح قبل الصلاة ، وكان ساكنا بمصر من الأمصار أنه لا يجزئه ذبحه كذلك .

21366 - واختلفوا في وقت ذبح أهل البادية للضحية .

21367 - فقال مالك : يذبح أهل البادية إذا نحر أقرب أئمة أهل القرى إليهم ، فينحرون بعده ، فإن لم يفعلوا ، وأخطئوا ونحروا أجزأهم .

[ ص: 155 ] 21368 - وقال الشافعي : وقت الذبح وقت صلاة النبي - عليه السلام - من حين حلت الصلاة ، وقدر خطتين .

21369 - وأما صلاة من بعده ، فليس فيها وقت .

21370 - وبه قال أحمد بن حنبل ، والطبري .

21371 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : من ذبح من أهل السواد قبل طلوع الفجر أجزأه لأنه ليس عليهم صلاة العيد .

21372 - وهو قول الثوري ، وإسحاق بن راهويه . 21373 - وقال عطاء : يذبح أهل القرى بعد طلوع الشمس . 21374 - وأما قوله في حديث مالك : فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعود بضحية أخرى ، فقد احتج به من رأى أن الضحية واجبة فرضا .

21375 - قالوا : لأن ما لم يكن واجبا لم يؤمر فيه بإعادة .

21376 - وهذا موضع اختلف فيه العلماء قديما وحديثا .

21377 - فقال مالك : على الناس كلهم ضحية : المسافر ، والمقيم إذا قدر عليها ، ومن تركها من غير عذر ، فبئس ما صنع .

[ ص: 156 ] 21378 - قال أبو عمر : تحصيل مذهبه أنها من السنن التي يؤمر الناس بها ، ويندبون إليها ، ولا يرخص في تركها إلا للحاج بمنى ، ويضحى عنده عن اليتيم والمولود ، وكل واحد لها .

21379 - وقال الشافعي : هي سنة وتطوع ، ولا تجب لأحد قوي عليها تركها ، وليست بواجبة ; لأن " رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا دخل العشر فأراد أحدكم أن يضحي . . . الحديث .

21380 - وقال الشافعي : هي سنة على جميع المسلمين ، وعلى الحاج بمنى ، وغيرهم .

21381 - وبه قال أبو ثور .

21382 - وقال الثوري : ليست الضحية بواجبة ، وكان ربيعة ، والليث بن [ ص: 157 ] سعد يقولان : لا نرى أن يترك المسلم الموسر المالك لأمره الضحية .

21383 - روي عن سعيد بن المسيب ، وعطاء ، وعلقمة ، والأسود أنهم كانوا لا يوجبونها .

21384 - وهو قول أحمد بن حنبل .

21385 - وروي عن الشعبي : الصدقة أفضل من الأضحية .

21386 - وروي ذلك عن مالك .

21387 - وهذا تحصيل مذهبه .

21388 - وقال أبو ثور : الضحية أفضل من الصدقة ; لأن الضحية سنة وكيدة لصلاة العيد .

21389 - ومعلوم أن صلاة العيد أفضل من النوافل .

21390 - وكذلك صلوات السنن أفضل من التطوع .

21391 - قال أبو عمر : في فضل الضحية آثار ، وقد ذكرتها في التمهيد .

[ ص: 158 ] 21392 - وقال أبو حنيفة : الضحية واجبة .

21393 - وقال أبو يوسف : ليست بواجبة .

21394 - وقال محمد بن الحسن : الأضحى واجب على كل مقيم في الأمصار إذا كان موسرا .

21395 - هكذا ذكره الطحاوي عنهم في كتاب " الخلاف " .

21396 - وذكر عنهم في " مختصره " ، قال : قال أبو حنيفة : والأضحية واجبة على المقيمين الواجدين من أهل الأمصار وغيرهم ، ولا تجب على المسافرين .

21397 - وقال : يجب على الرجل من الأضحية عن ولده الصغير مثل الذي يجب عليه عن نفسه .

21398 - قال : وخالفه أبو يوسف ، ومحمد ، فقالا : ليست الأضحية بواجبة ، ولكنها سنة غير مرخص فيها لمن وجد السبيل إليها .

21399 - قال : وبه نأخذ .

21400 - وقال إبراهيم النخعي : الأضحى واجب على أهل الأمصار ما خلا [ ص: 159 ] الحاج .

21401 - قال أبو عمر : حجة من ذهب إلى إيجابها : أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بردة بن نيار بأن يعيد ضحيته إذ ذبحها قبل الصلاة .

21402 - وقوله : في العناق لا يجزئ عن أحد بعدك ، ومثل هذا إنما يقال في الفرائض الواجبة لا في التطوع .

21403 - وقال الطحاوي : فإن قيل : فإنه أوجبها ، ثم أتلفها ، فمن هناك أوجب عليه إعادتها ؟ لأنها واجبة في الأصل .

21404 - قيل له : لو أراد هذا - صلى الله عليه وسلم - لتعرف قيمة المتلفة ليأمره بمثلها ، فلما لم يعتبر ذلك دل على أنه لم يقصد إلى ما ذكرت ، وبما احتج ومما لم يأمره بمثلها ، فلما لم يغير ذلك دل على أنه لم يقصد على ما ذكرت .

21405 - ومما احتج به أيضا من أوجبها حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

21406 - ومنهم من يجعله من قول أبي هريرة على ما بينا في كتاب " التمهيد " .

[ ص: 160 ] 21407 - قال : من كان له سعة ، ولم يضح ، فلا يشهد مصلانا .

21408 - قال أبو عمر : ليس في اللفظ تصريح بإيجابها لو كان مرفوعا ، فكيف ، والأكثر يجعلونه من قول أبي هريرة .

21409 - وقد عارضه حديث أم سلمة عن النبي - عليه السلام - أنه قال : إذا دخل العشر ، وأراد أحدكم أن يضحي ، فلا يأخذ من شعره ، ولا من أظفاره ، ولا شيء يقال في الواجب من أراد فعله .

21410 - حدثني عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثني قاسم بن أصبغ ، قال : حدثني أحمد بن زهير ، قال : حدثني يحيى بن أيوب ، قال : حدثني عبيد الله بن معاذ ، قال : حدثني معاذ بن معاذ العنبري ، قال : حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثني عمر بن مسلم بن عمار بن أكيمة الليثي ، قال : سمعت سعيد بن المسيب يقول : سمعت أم سلمة تقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من كان له ذبح يذبحه ، فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذ من شعره ، ولا من أظفاره شيئا .

21411 - قال أحمد بن زهير : سمعت يحيى بن معين يقول : محمد [ ص: 161 ] بن عمرو ثقة .

21412 - قال : وفي كتاب علي بن المديني ، قال : سمعت يحيى بن سعيد يقول : محمد بن عمرو أعلى من سهيل بن أبي صالح .

21413 - وقد كان سعيد بن المسيب يفتي بأنه لا بأس بالإطلاء بالنورة في عشر ذي الحجة .

21414 - وهذا منه ترك للعمل من حديثه عن أم سلمة ، عن النبي - عليه [ ص: 162 ] السلام - في ذلك ، إلا أنه يحتمل أن يكون أفتى بذلك من لم يرد أن يضحي .

21415 - حدثنا عبد الوارث ، حدثنا قاسم ، حدثنا أحمد بن زهير ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني معن بن عيسى ، قال : حدثني مالك ، عن عمارة بن صياد ، عن سعيد بن المسيب أنه كان لا يرى بأسا بالإطلاء في العشر .

21416 - وقد روى مالك حديث أم سلمة عن عمرو بن مسلم بن أكيمة ، كما رواه محمد بن عمرو بإسناده عن أم سلمة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

21417 - وحدث به شعبة ، ثم تركه ، وأبى أن يحدث به .

21418 - وقد زدنا هذا المعنى بيانا في " التمهيد " .

21419 - ومما يدل على أن سعيد بن المسيب كان يقول بحديثه هذا عن أم سلمة ، عن النبي - عليه السلام - ما ذكره أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثني وكيع ، عن شعبة ، وهشام ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، قال : ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس عليك .

21420 - وهذا أخذ منه بحديثه عن أم سلمة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا دخل العشر فأراد أحدكم أن يضحي . . . الحديث .

[ ص: 163 ] 21421 - ويدل على أن حديث مالك ، عن عمارة بن صياد ، عن سعيد بن المسيب ، لم يفت به إلا من لم يرد أن يضحي ، والله أعلم .

21422 - وقد روى الشعبي ، عن أبي سريحة الغفاري ، واسمه : حذيفة بن أسيد قال : رأيت أبا بكر ، وعمر ، وما يضحيان .

21423 - وقال عكرمة : بعثني ابن عباس بدرهمين أشتري له بهما لحما ، وقال : من لقيت ، فقل : هذه أضحية ابن عباس .

21424 - وهذا نحو فعل بلال فيما نقل عنه أنه ضحى بديك .

21425 - ومعلوم أن ابن عباس إنما قصد بقوله : أن الضحية ليست بواجبة ، وأن اللحم الذي ابتاعه بدرهمين أغناه عن الأضحى إعلاما منه بأن الضحية غير واجبة ، ولا لازمة .

21426 - وكذلك معنى الخبر عن بلال لو صح . وبالله التوفيق . 21427 - وقال أبو مسعود الأنصاري : إني لأدع الأضحى ، وأنا موسر مخافة أن يرى جيراني أنها حتم علي .

21428 - قال أبو عمر : ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طول عمره ، ولم يأت عنه [ ص: 164 ] أنه ترك الأضحى ، وندب إليها ، فلا ينبغي لمؤمن موسر تركها ، وبالله التوفيق .

21429 - حدثني خلف بن قاسم ، قال : حدثني أحمد بن محمد بن عثمان بن أبي التمام ، قال : حدثني كثير بن معمر الجوهري ، قال : حدثني محمد بن علي بن داود البغدادي ، قال : حدثني سعيد بن داود بن أبي زبير ، قال : حدثني مالك ، عن ثور بن زيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : [ ص: 165 ] " ما من نفقة بعد صلة الرحم أعظم عند الله من إهراق الدماء .

21430 - وروي نحو ذلك بمعناه عن ابن عمر ، مرفوعا عن طاوس ، قال : ما أنفق الناس من نفقة أعظم أجرا من دم مهراق ، يوم النحر .

21431 - وروي أن للمضحي بكل شعرة من صوفها حسنة .

21432 - وروي من حديث عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك فضيلة قد ذكرتها في " التمهيد " .

التالي السابق


الخدمات العلمية