الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1058 [ ص: 237 ] 1015 - مالك ، عن ثور بن زيد الديلي ، عن عبد الله بن عباس ، أنه سئل عن ذبائح نصارى العرب ؟ فقال : لا بأس بها . وتلا هذه الآية : ومن يتولهم منكم فإنه منهم المائدة : 51 .


21726 - قال أبو عمر : هذا الحديث يرويه ثور بن زيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، كذلك رواه . الدراوردي ، وغيره ، وهو محفوظ عن ابن عباس في وجوه .

21727 - منها ما ذكر عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن عاصم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، وتلا : ومن يتولهم منكم فإنه منهم المائدة : 51 .

21728 - قال : وأخبرني معمر ، عن عطاء الخراساني ، قال : لا بأس [ ص: 238 ] بذبائحهم ، ألا تسمعوا الله - عز وجل - يقول : ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب البقرة : 78 .

21729 - قال : وأخبرنا معمر ، قال : سألت الزهري عن ذبائح نصارى العرب ، فقال : من انتحل دينا فهو من أهله ، ولم ير بذبائحهم بأسا .

21730 - وروى عطاء بن السائب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : كلوا من ذبائح بني تغلب ، وتزوجوا نساءهم ، فإن الله تعالى يقول : ومن يتولهم منكم فإنه منهم المائدة : 51 .

21731 - قال أبو عمر : على هذا أكثر العلماء ، إلا أن يسمي النصراني من العرب : المسيح على ذبيحته ، فإن قال : باسم المسيح ، أو ذبح لآلهته ، أو لعيده ، فإنهم اختلفوا في ذلك اختلافا محيرا نذكره في هذا الباب - إن شاء الله .

21732 - وأما نصارى ، العرب : فمذهب علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في نصارى العرب بني تغلب وغيرهم .

وقد قيل : إنه خص بني تغلب بأن لا تؤكل ذبائحهم .

[ ص: 239 ] 21733 - روى معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة السلماني أن عليا - رضي الله عنه - كان يكره ذبائح نصارى بني تغلب ، ويقولون : إنهم لا يتمسكون من النصرانية إلا بشرب الخمر .

21734 - وقالت بهذا طائفة منهم : عطاء ، وسعيد بن جبير ، وهو أحد قولي الشافعي .

21735 - وأما اختلاف العلماء فيما ذبح النصارى لكنائسهم ، وأعيادهم ، أو ما سموا عليه المسيح : 736 1 2 - فقال مالك : ما ذبحوه لكنائسهم أكره أكله ، وما سمي عليه باسم المسيح لا يؤكل .

21737 - والعرب عنده ، والعجم في ذلك سواء .

21738 - وقال الثوري : إذا ذبح ، وأهل له لغير الله كرهته .

21739 - وهو قول إبراهيم .

21740 - قال سفيان : وبلغنا عن عطاء أنه قال : قد أحل الله ما أهل لغير الله ، لأنه قد علم أنهم سيقولون هذا القول ، وقد أحل ذبائحهم .

[ ص: 240 ] 21741 - وروي عن أبي الدرداء ، وعبادة بن الصامت ، قالا : لا بأس بما ذبح النصارى لكنائسهم ، وموتاهم .

21742 - قال أبو الدرداء : طعامهم كله لنا حل ، وطعامنا لهم حل .

21743 - وإلى هذا ذهب فقهاء الشاميين : مكحول ، والقاسم بن مخيمرة ، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، وسعيد بن عبد العزيز ، والأوزاعي ، وقالوا : سواء سمى النصراني المسيح على ذبيحته ، أو سمى جرجس ، أو ذبح لعيده ، أو لكنيسته كل ذلك حلال ، لأنه كتابي ذبح بدينه ، وقد أحل الله ذبائحهم في كتابه .

21744 - وقال المزني ، عن الشافعي : لا تحل ذبيحة نصارى العرب .

21745 - وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب .

21746 - وروى قيس بن الربيع ، عن عطاء بن السائب ، عن زاذان ، عن علي ، قال : إذا سمعت النصراني يقول : باسم المسيح ، فلا تأكل ، وإذا لم يسم ، فكل ، فقد أحل الله ذبائحهم .

[ ص: 241 ] 21747 - وعن عائشة ، قالت : تأكل ما ذبح لأعيادهم .

21748 - وعن ابن عمر مثله .

21749 - وعن الحسن ، وميمون بن مهران : أنهما كانا يكرهان ما ذبح النصارى لأعيادهم ، وكنائسهم ، وآلهتهم .

21750 - وقد قال إسماعيل بن إسحاق : كان مالك يكرهه من غير أن يوجب فيه تحريما .

21751 - وذكر عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن عمرو بن ميمون بن مهران أن عمر بن عبد العزيز كان يوكل بقوم من النصارى قوما من المسلمين إذا ذبحوا أن يسموا الله ، ولا يتركوهم أن يهلوا لغير الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية