الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1063 [ ص: 259 ] [ ص: 260 ] [ ص: 261 ] بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على محمد وآله وسلم تسليما باب ترك أكل ما قتل المعراض والحجر

1020 - مالك ، عن نافع أنه قال : رميت طائرين بحجر وأنا بالجرف . فأصبتهما . فأما أحدهما فمات ، فطرحه عبد الله بن عمر . وأما [ ص: 262 ] الآخر فذهب عبد الله بن عمر يذكيه بقدوم ، فمات قبل أن يذكيه ، فطرحه [ ص: 263 ] عبد الله أيضا .

1021 - مالك ; أنه بلغه أن القاسم بن محمد كان يكره ما قتل المعراض والبندقة .

21830 - قال مالك : ولا أرى بأسا بما أصاب المعراض إذا خسق وبلغ المقاتل أن يؤكل . قال الله تبارك وتعالى : ياأيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم [ المائدة : 94 ] ، قال : فكل شيء ناله [ ص: 264 ] الإنسان بيده ، أو رمحه ، أو بشيء من سلاحه ، فأنفذه ، وبلغ مقاتله ، فهو صيد كما قال الله تعالى .


21831 - قال أبو عمر : اختلف العلماء قديما ، وحديثا في صيد البندقة ، والمعراض ، والحجر :

21832 - فمن ذهب إلى أنه صيد لم يجز منه إلا ما أدرك ذكاته ، كما صنع ابن عمر .

21833 - وفي فعل ابن عمر دليل على جواز التذكية فيما أدركت ذكاته ، وفيه حياة .

21834 - وإن خيف عليه الموت ، فقد تقدم هذا المعنى مجردا .

21835 - وقول أبي حنيفة ، وأصحابه ، والحسن بن حي ، والشافعي في صيد البندقة ، والمعراض ، والحجر نحو قول مالك .

21836 - وخالفهم الشاميون في ذلك .

21837 - وقال الكوفيون ، ومالك : إن أصاب المعراض بعرضه ، فقتل لم يؤكل ، وإن خرق جلده أكل .

21838 - وزاد الثوري : وإن رميته بحجر ، أو بندقة كرهته إلا أن تذكيه .

21839 - وقال الشافعي : إن خرق برقته ، أو قطع بحده أكل وما خرق بثقله ، [ ص: 265 ] فهو وقيد ، وله فيما نالته الجوارح ، ولم تدمه قولان : 21840 - أحدهما : أن لا يأكل حتى يخرق لقوله تعالى : من الجوارح .

21841 - والآخر : أنه حل .

21842 - قال أبو عمر : اختلاف ابن القاسم ، وأشهب في هذه المسألة على هذين القولين : 21843 - فذهب ابن القاسم إلى أنه لا يؤكل حتى يدميه الكلب ، ويجرحه ، ولا يكون ذكيا عنده إلا بذلك .

21844 - وقال أشهب : إن مات من صدمة الكلب أكل .

21845 - قال أبو عمر : كره إبراهيم النخعي ، ومجاهد ، وعطاء ما قتل البندقة والمعراض إلا أن تدرك ذكاته على مذهب ابن عمر .

21846 - ورخص فيه : عمار بن ياسر ، وأبو الدرداء ، وفضالة بن عبيد وسعيد بن المسيب ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى .

21847 - وإلى هذا ذهب الأوزاعي ، ومكحول ، وفقهاء الشام .

21848 - قال الأوزاعي في المعراض : كله خرق ، أو لم يخرق ، فقد كان أبو الدرداء ، وفضالة بن عبيد ، وعبد الله بن عمر ، ومكحول لا يرون به بأسا .

21849 - قال أبو عمر : هكذا ذكر الأوزاعي ، عن عبد الله بن عمر . [ ص: 266 ] 21850 - والمعروف عن عبد الله بن عمر ما ذكره مالك ، عن نافع عنه .

21851 - وذكر معمر ، عن أيوب ، عن نافع ، قال : رميت صيدا بحجر ، فأخذه ابن عمر ، فقال : يا نافع ائتني بشيء أذبحه به ، قال : فعجلت ، فأتيت بالقدوم ، فمات في يده قبل أن يذبحه ، فطرحه .

21852 - وعن طاوس ، وقتادة في المعراض إذا خزق فكله ، وإلا فلا تأكله .

21853 - قال طاوس : وكذلك السهم إذا خرج فكله ، وإلا فلا تأكله .

21854 - قال أبو عمر : الأصل في هذا الباب الذي عليه العمل ، وفيه الحجة لمن لجأ إليه على من خالفه حديث عدي بن حاتم ، قال : قلت : يا رسول الله إني أرمي بالمعراض ، قال : " ما خزق ، فكل ، وما أصاب بعرضه ، فلا تأكل ، فإنما هو وقيذ .

3 [ ص: 267 ] [ ص: 268 ] 21855 - حدثنا : عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثني قاسم بن أصبغ ، قال : حدثني أحمد بن زهير ، قال : حدثني أبو نعيم ، قال : حدثني زكريا ، عن الشعبي ، عن عدي بن حاتم ، فذكره .

21856 - وروى إبراهيم النخعي ، عن همام بن الحارث ، عن عدي بن حاتم ، فذكره .

21857 - وروى إبراهيم النخعي ، عن همام ، عن عدي بن حاتم ، عن النبي - عليه السلام - مثله ، بمعناه .

[ ص: 269 ] 21858 - وحديث عبد الله بن المغفل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الخذف ، وقال : إنها لا تنكي العدو ، ولا تصيد الصيد ، ولكنها تكسر السن ، وتفقأ العين ، فدل على أن الحجر لا تقع به ذكاة صيد ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية