الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1082 [ ص: 362 ] [ ص: 363 ] 26 - كتاب العقيقة 3 364 3 [ ص: 364 ] [ ص: 365 ] بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد ، وآله وسلم ( 1 ) باب ما جاء في العقيقة

1039 - مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن رجل من بني ضمرة ، عن أبيه ; أنه قال : سئل رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العقيقة ؟ فقال " لا أحب العقوق " وكأنه إنما كره الاسم . قال " من ولد له ولد فأحب أن ينسك عن ولده [ ص: 366 ] فليفعل " .


22343 - روى هذا الحديث ابن عيينة ، عن زيد بن أسلم ، عن رجل من بني ضمرة ، عن أبيه ، أو عن عمه على الشك .

22344 - والقول في ذلك قول مالك ، والله أعلم .

22345 - ولا أعلمه يروي هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه ومن حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده .

23346 - واختلف فيه على عمرو بن شعيب .

22347 - ومن أحسن أسانيد حديثه ما رواه عبد الرزاق ، قال : أخبرنا داود بن قيس : قال : سمعت عمرو بن شعيب ، يحدث عن أبيه ، عن جده ، قال سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن العقيقة ؟ فقال : " لا أحب العقوق " ، وكأنه كره الاسم ، قالوا : يا رسول الله ! ينسك أحدنا عن ولد له ؟ فقال : من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة .

[ ص: 367 ] 22348 - وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في العقيقة أحاديث منها : حديث سمرة ، وحديث سليمان بن عامر ، وقد ذكرناهما بالأسانيد في " التمهيد " .

22349 - وفي هذا الحديث كراهة ما يقبح من الأسماء ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب الاسم الحسن ; لأنه كان يعجبه الفأل الحسن ، ويأتي هذا المعنى في الجامع إن شاء الله .

22350 - وكان الواجب بظاهر هذا الحديث أن يقال للذبيحة عن المولود في [ ص: 368 ] سابعة نسيكة ، ولا يقال عقيقة ، إلا أني لا أعلم خلافا بين العلماء في تسمية ذلك عقيقا ، فدل على أن ذلك منسوخ ، واستحباب ، واختيار .

22351 - فأما النسخ ، فإن في حديث سمرة بن جندب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : الغلام مرتهن بعقيقة تذبح عنه يوم سابعه ، ويسمى .

22352 - وفي حديث سلمان بن عامر الضبي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " مع الغلام عقيقة ، فأهريقوا عنه دما ، وأميطوا عنه الأذى " .

22353 - ففي هذين الحديثين لفظ العقيقة ، فدل ذلك على الإباحة ، لا على الكراهة في الاسم .

22354 - وعلى هذا كتب الفقهاء في كل الأمصار ، ليس فيها إلا العقيقة ، لا النسيكة ، على أن حديث مالك هذا ليس فيه التصريح بالكراهة .

22355 - وكذلك حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم .

22356 - وإنما فيهما ، فكأنه كره الاسم ، وقال : من أحب أن ينسك عن ولده .

22357 - وأما العقيقة في اللغة ، فذكر أبو عبيد عن الأصمعي وغيره أن أصلها الشعر الذي يكون على رأس الصبي .

22358 - قال : وإنما سميت الشاة التي تذبح عنه : عقيقة ; لأنه يحلق رأس [ ص: 369 ] الصبي عند الذبح ، ولهذا قيل : أميطوا عنه الأذى ، يعني بذلك الأذى : الشعر .

22359 - وذكر شواهد من الشعر على هذا ، قد ذكرناها في التمهيد .

22360 - وأنكر أحمد بن حنبل تفسير أبي عبيد هذا ، وما ذكره في ذلك عن الأصمعي وغيره ، وقال : إنما العقيقة الذبح نفسه ، وهو قطع الأوداج ، والحلقوم .

قال : ومنه قيل للقاطع رحمه في أبيه ، وأمه : عاق .

وأما حديث مالك في هذا الباب

التالي السابق


الخدمات العلمية