الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 506 ] ( 14 ) باب من جهل أمره بالقتل أو غير ذلك 1060 - مالك ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن غير واحد من علمائهم ; أنه لم يتوارث من قتل يوم الجمل ، ويوم صفين ، ويوم الحرة ، ثم كان يوم قديد ، فلم يورث أحد منهم من صاحبه شيئا ، إلا من علم أنه قتل [ ص: 507 ] قبل صاحبه .

23019 - قال مالك : وذلك الأمر الذي لا اختلاف فيه ، ولا شك عند أحد من أهل العلم ببلدنا . وكذلك العمل في كل متوارثين هلكا ، بغرق ، أو قتل أو غير ذلك من الموت . إذا لم يعلم أيهما مات قبل صاحبه ، لم يرث أحد منهما من صاحبه شيئا . وكان ميراثها لمن بقي من ورثتيهما ، يرث كل واحد منهما ورثته من الأحياء


إلى سائر قوله في الباب من مسائله التي فسر بها أصل مذهبه هذا ، وهو مذهب زيد بن ثابت ، وجمهور أهل المدينة ، وهو قول ابن شهاب ، وبه قال الأوزاعي ، والشافعي ، وأبو حنيفة ، وأصحابه فيما ذكر الطحاوي عنه .

23020 - وروي عن عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وإياس بن عبد الله المزني - رضي الله عنهم - أنه يورث كل واحد من الغرقى والقتلى ، ومن مات تحت الهدم ، ومن أشبههم ممن أشكل أمرهم ، فلا يدرى أيهم مات أولا من صاحبه .

23021 - روي ذلك عن عمر ، وعلي من وجوه ذكرها ابن أبي شيبة وغيره .

[ ص: 508 ] 23022 - وحديث إياس بن عبد - ويقال ابن عبد الله المزني رواه ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار عن أبي المنهال ، عن إياس المزني ، وكان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن بيت وقع على قوم فماتوا ؟ فقال يورث بعضهم من بعض .

23023 - وبه قال شريح ، وعبيدة السلماني ، والشعبي ، وإبراهيم النخعي ، وأبو يوسف فيما ذكره الفراض ، وغيرهم عنهم وسفيان الثوري ، وسائر الكوفيين ، وجمهور البصريين .

23024 - والمعنى الذي ذهبوا إليه في ذلك أن يورثوا كل واحد منهما من صاحبه ، ولا يرد على واحد منهما مما ورث عن صاحبه شيئا .

23025 - مثال ذلك : كان زوجا وزوجة غرقا جميعا ، ومع كل واحد منهما ألف درهم ، فتميت الزوجة أولا ، فنصيب الزوج خمسمائة درهم ، ثم يميت الزوج ، فنصيب الزوجة من الألف التي هي أصل ماله مائتان وخمسون درهما ، ولا تورثها من الخمسمائة التي ورثها عنها ، ولا تورثه من المائتين والخمسين [ ص: 509 ] التي ورثتها منه ، فلا يرث واحد منهما من المقدار الذي يورثه من صاحبه ، ويرث مما سوى ذلك .

23026 - وقد روي عن عائشة - أم المؤمنين - أنها شهدت بأن طلحة مات قبل أبيه محمد يوم الجمل ، وشهد بذلك معها غيرها ، فورث طلحة ابنه محمد ، وورث محمدا ابنه إبراهيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية