الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
23980 - قال مالك في الرجل تكون تحته المرأة ، ثم ينكح أمها فيصيبها : إنها تحرم عليه امرأته . ويفارقهما جميعا . ويحرمان عليه أبدا . إذا كان قد أصاب الأم . فإن لم يصب الأم ، لم تحرم عليه امرأته ، وفارق الأم .


23981 - قال أبو عمر : إنما قال ذلك للأصل الذي قدمنا ، وهو قول الله - عز وجل - في تحريم من حرم من النساء : وأمهات نسائكم [ النساء : 23 ] .

23982 - فمن كان تحته امرأة قد دخل بها حرمت الأم عليه بإجماع من المسلمين ; لأنها من أمهات النساء المدخول بهن . ولو لم يدخل بها حرمت عليه أمها بالسنة عند الجمهور على ما ذكرنا في هذا الباب عنهم في أن الآية مبهمة في أمهات النساء دخل بهن ، أو لم يدخل ، فإذا أصاب الأم بذلك النكاح حرمت [ ص: 190 ] عليه الابنة بشبهة النكاح ، وإن كان العقد فاسدا ; لأن غيرنا يحرمه بالزنا ، فتحريمه بشبهة النكاح الذي يلزم فيه مهر المثل أولى .

23983 - وقد كانت الأم محرمة بالعقد على الابنة ، فمن هذا وجب عليه مفارقتهما جميعا ، وحرمتا عليه أبدا ، فإن لم يصب الأم إلا بشبهة ذلك النكاح فسخ نكاحها ; لأنه نكاح فاسد غير منعقد ، وقر مع امرأته .

23984 - وهذا كله قول الكوفيين ، والشافعي ، وجمهور الفقهاء .

23985 - قال أبو عمر : قد مضى القول في الربيبة بما فيه شفاء ، إن شاء الله .

23986 - وأما بنت الربيبة ، فقد اختلف في تحريمها .

23987 - فقال الجمهور : إنها محرمة تحريما مطلقا كبنات البنات ، وكالأمهات وأمهات الأمهات ، وإن علون .

23988 - وعلى هذا القول مذاهب جمهور الفقهاء ، منهم : مالك ، والشافعي ، وأصحابهما .

23989 - روي ذلك عن الحسن البصري ، وعطاء بن أبي رباح ، والقاسم بن محمد ، ويحيى بن سعيد ، وأبي الزناد ، وأهل المدينة .

23990 - وقالت طائفة من الكوفيين : تزوج ابنة الربيبة حلال إذا لم يدخل [ ص: 191 ] بأمها ، وجعلوها كابنة العم ، وابنة الخالة ، فإن الله حرمها كتحريم الربيبة إذا بين ، وأحل بناتهما .

23991 - واحتجوا بقول الله - عز وجل - حين حرم ما ذكره في كتابه ، ثم قال : وأحل لكم ما وراء ذلكم [ النساء : 24 ] .

23992 - وقد أجمع العلماء على أن ما لم يحرمه الله ، فهو مباح .

23993 - والقول في بنت الربيبة أعم ، وأكثر ، وبه أقول ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية