الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1135 1086 - مالك ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن ومجمع ابني يزيد بن جارية الأنصاري ، عن خنساء بنت خدام الأنصارية ; أن أباها زوجها وهي ثيب ، فكرهت ذلك . فأتت رسول الله [ ص: 206 ] - صلى الله عليه وسلم - فرد نكاحها .


24061 - هكذا روى مالك هذا الحديث ، فقال فيه : وهي ثيب في درج الحديث .

24062 - ورواه غيره ، فجعله من بلاغ يحيى بن سعيد .

24063 - ذكر ابن أبي شيبة ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، عن يحيى بن سعيد أن القاسم بن محمد أخبره أن عبد الرحمن بن يزيد ، ومجمع بن يزيد الأنصاريين أخبراه أن رجلا منهم يدعى خداما أنكح ابنة له ، فكرهت نكاح أبيها ، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له فرد نكاح أبيها ، فخطبت فنكحت أبا لبابة بن عبد المنذر .

24064 - وذكر يحيى بن سعيد أنه بلغه أنها كانت ثيبا .

24065 - وروى ابن عيينة هذا الحديث ، فلم يذكر فيه : وكانت ثيبا .

24066 - ذكره الحميدي ، وغيره عنه ، قال : حدثني عبد الرحمن بن القاسم ، [ ص: 207 ] عن أبيه أن خنساء بنت خدام زوجها أبوها ، وهي كارهة ، فأتت النبي - عليه السلام - فرد نكاحها .

24067 - هكذا رواه ابن عيينة ، لم يقم إسناده ، وقال فيه بعض أصحاب عبد الرحمن أنها كانت ثيبا .

24068 - قال ابن عيينة : وحدثني يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد أن امرأة من آل جعفر بن أبي طالب تخوفت أن ينكحها وليها ، فأرسلت إلى شيخين من الأنصار : عبد الرحمن ومجمع ابني يزيد تشهدهما أنه ليس لأحد من أمري شيء ، فأرسلا إليها ألا تخافي ، فإن خنساء بنت خدام زوجها أبوها ، وهي كارهة ، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فرد نكاحها .

24069 - قال أبو عمر : لم يذكر ابن عيينة أيضا في هذا الحديث ثيبا ، ولا بكرا .

24070 - وروى حديث خنساء هذا محمد بن إسحاق ، عن حجاج بن السائب ، عن أبيه ، عن جدته خنساء بنت خدام بن خالد ، قال : وكانت أيما من رجل ، فزوجها أبوها رجلا من بني عمرو بن عوف ، فخطبت إلى أبي لبابة بن [ ص: 208 ] عبد المنذر ، فارتفع شأنها إلى النبي - عليه السلام - فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أباها أن يلحقها بهواها ، فتزوجت أبا لبابة بن عبد المنذر ، فذكر ابن إسحاق في حديث خنساء أنها كانت ثيبا ، فدل على صحة رواية مالك ، وإذا كانت ثيبا ، كان حديثا مجتمعا على صحته ، والقول به ; لأن القائلين : لا نكاح إلا بولي ، يقولون : إن الثيب لا يزوجها أبوها ، ولا غيره من أهلها إلا بإذنها ، ورضاها .

24071 - ومن قال ليس للولي مع الثيب أمر ، فهو أحرى باستعمال هذا الحديث .

24072 - وكذلك الذين أجازوا عقد النكاح بغير ولي ، وقد تقدم ذكر القائلين بهذه الأقوال في هذا الكتاب .

24073 - ولا أعلم مخالفا في أن الثيب لا يجوز لأبيها ، ولا لغيره من الأولياء إكراهها على النكاح ، إلا الحسن البصري .

24074 - فإن أبا بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثني ابن علية ، عن يونس ، عن الحسن ، أنه كان يقول : نكاح الأب جائز على ابنته ، بكرا كانت أو ثيبا ، أكرهها ، أو لم يكرهها .

24075 - ولا أعلم أحدا تابعه ، والله أعلم .

[ ص: 209 ] 24076 - قال ابن القاسم : قال لي مالك في الأخ يزوج أخته الثيب برضاها ، والأب ينكر : إن ذلك جائز على الأب .

24077 - قال مالك : ما له ولها ، وهي مالكة أمرها .

24078 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه في الثيب : لا ينبغي لأبيها أن يزوجها إلا برضاها ، فإن استأمرها أمرته يزوجها ، وإن لم تأمره لم يزوجها بغير أمرها ، فإن زوجها بغير أمرها ، ثم بلغها كان لها أن تجيزه ، فإن أجازته جاز ، وإن أبطلته بطل .

24079 - قال إسماعيل : أصل قول مالك في هذه المسألة أنه لا يجوز إن أجازته ، إلا أن يكون بالقرب ، استحسن إجازته بالقرب كأنه في وقت واحد ونور واحد ، وأبطله إذا بعد ; لأنه عقده عليها بغير أمرها ، ليس بعقد ولا يقع فيه طلاق .

24080 - وقال ابن نافع : سألت مالكا عن رجل زوج أخته ، ثم بلغها ، فقالت : ما أرضى ، ولا أمرته بشيء ، ثم كلمت في ذلك ، فرضيت .

24081 - قال مالك : لا أراه نكاحا جائزا ، ولا يقام عليه حتى يستأنفا جديدا إن شاءت .

24082 - وقال الشافعي ، وأحمد بن حنبل : من زوج ابنته الثيب بغير إذنها ، فالنكاح باطل ، وإن رضيت .

24083 - وقال الشافعي : لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رد نكاح خنساء بنت خدام ، ولم يقل إلا أن تخبرني .

[ ص: 210 ] 24084 - قال أبو عمر : كانت خنساء بنت خدام هذه تحت أنيس بن قتادة الأنصاري فقتل عنها يوم أحد ، فزوجها أبوها رجلا من بني عمرو بن عوف ، فكرهته ، وشكت ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرد نكاحها ، ونكحت أبا لبابة بن عبد المنذر .

24085 - وقد ذكرنا الأسانيد بذلك في " التمهيد " .

التالي السابق


الخدمات العلمية