الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 242 ] 1092 - مالك ; أنه بلغه أن سعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار ، سئلا عن رجل زوج عبدا له جارية ، فطلقها العبد البتة ، ثم وهبها سيدها له . هل تحل له بملك اليمين ؟ فقالا : لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره .

1093 - مالك ، أنه سأل ابن شهاب عن رجل كانت تحته أمة مملوكة فاشتراها وقد كان طلقها واحدة فقال : تحل له بملك يمينه ما لم يبت طلاقها فإن بت طلاقها ، فلا تحل له بملك يمينه حتى تنكح زوجا غيره .


24266 - قال أبو عمر : قال ، عز وجل : فإن طلقها يعني الثالثة فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره [ البقرة : 230 ] فلم يجعلها حلالا إلا بنكاح الزوج لها ، لا بملك يمينه .

24267 - وعلى هذا جماعة العلماء ، وأئمة الفتوى : مالك ، والثوري ، والأوزاعي ، وأبو حنيفة ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور .

24268 - وكان ابن عباس ، وعطاء ، والحسن يقولون : إذا اشتراها الذي بت طلاقها حلت له بملك اليمين على عموم قوله عز وجل : أو ما ملكت أيمانكم [ النساء : 25 ] .

[ ص: 243 ] 24269 - قال أبو عمر : هذا خطأ من القول ; لأن قوله تعالى : أو ما ملكت أيمانكم [ النساء : 25 ] لا يبيح الأمهات ، ولا الأخوات ، ولا البنات ، فكذلك سائر المحرمات .

24270 - وقال عطاء : لو اشتراها الزوج ، فأصابها ثم أعتقها ، جاز له نكاحها ، ولو لم يصبها بعدما اشتراها حتى أعتقها لم تحل له .

24271 - وروي مثل ذلك ، ومثل هذا عن زيد بن ثابت .

24272 - وروي عن زيد من وجوه أنها لا تحل بحال حتى تنكح زوجا غيره .

24273 - وهو الصحيح عنه .

24274 - وأما وطء السيد لأمته التي قد بت طلاقها زوجها ، فقد اختلف الصحابة ، ومن بعدهم : هل يحلها ذلك الوطء لزوجها أم لا ؟ 24275 - فروي عن علي - رضي الله عنه - أنه سئل عن الأمة يبتها زوجها ، ثم يطأها سيدها ، هل يحل لزوجها أن يراجعها ؟ .

[ ص: 244 ] فقال ليس بزوج .

24276 - ذكر ابن أبي شيبة ، وعبد الرزاق ، قالا : حدثني هشيم ، عن خالد الحذاء ، عن مروان الأصفر ، عن أبي رافع ، أن عثمان بن عفان سئل عن ذلك ، وعنده علي ، وزيد ، قال : فرخص في ذلك عثمان ، وزيد ، قالا : هو زوج . فقام علي مغضبا كارها لما قالا ، وقال : ليس بزوج ، ليس بزوج .

24277 - قال : وحدثني هشيم ، عن خالد ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم ، أن عليا قال : ليس بزوج . يعني السيد .

24278 - وهو قول عبيدة ، ومسروق ، والشعبي ، وإبراهيم وجابر بن زيد ، وسليمان بن يسار ، وأبي الزناد .

24279 - وعليه جماعة فقهاء الأمصار .

24280 - وروي عن عثمان ، وزيد بن ثابت ، والزبير خلاف ذلك .

[ ص: 245 ] 28281 - وقد تقدم حديث عثمان وزيد .

28282 - روى هشيم أيضا ، عن يونس ، عن الحسن ، عن زيد بن ثابت ، قال : هو زوج إذا لم يرد الإحلال .

28283 - قال ابن أبي شيبة : وحدثني عبدة ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن أن زيد بن ثابت ، والزبير بن العوام كانا لا يريان بأسا إذا طلق الرجل امرأته تطليقتين ، وهي أمة ، ثم غشيها سيدها غشيانا ، لا يريد بذلك مخالفة ، ولا إحلالا ، أن ترجع إلى زوجها بخطبة وصداق .

28284 - قال أبو عمر : هذا يحتمل أن يكون الزوج عبدا ، فيكونا ممن يرى الطلاق بالرجال ، أو يكون حرا ، فيكون على مذهب من قال : الطلاق بالنساء .

التالي السابق


الخدمات العلمية