الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1144 1095 - مالك ، عن ابن شهاب ، عن قبيصة بن ذؤيب ; أن رجلا سأل عثمان بن عفان عن الأختين من ملك اليمين ، هل يجمع بينهما ؟ فقال عثمان : أحلتهما آية وحرمتهما آية . فأما أنا فلا أحب أن أصنع ذلك .

قال ، فخرج من عنده ، فلقي رجلا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن ذلك ؟ فقال : لو كان لي من الأمر شيء ، ثم وجدت أحدا فعل [ ص: 250 ] ذلك ، لجعلته نكالا .

قال ابن شهاب : أراه علي بن أبي طالب .

1096 - مالك ; أنه بلغه عن الزبير بن العوام مثل ذلك .


24305 - قال أبو عمر : وأما قوله : أحلتهما آية ، وحرمتهما آية ، فإنه يريد تحليل الوطء بملك اليمين مطلقا في غير ما آية من كتابه .

24306 - وأما قوله : وحرمتهما آية ، فإنه أراد عموم قوله عز وجل : وأمهات نسائكم وربائبكم [ النساء : 23 ] .

24307 - وقوله : وأن تجمعوا بين الأختين [ النساء : 23 ] ولم يخص وطئا بنكاح ولا ملك يمين ، فلا يحل الجمع بين المرأة وابنتها ، ولا بين الأختين بملك اليمين .

24308 - وقد روي مثل قول عثمان ، عن طائفة من السلف ، منهم ابن عباس ، ولكن اختلف عليهم ، ولا يلتفت إلى ذلك أحد من فقهاء الأمصار بالحجاز ، ولا بالعراق ، وما وراءهما من المشرق ، ولا بالشام ، ولا المغرب ، إلا من [ ص: 251 ] شذ عن جماعتهم لاتباع الظاهر ، وبقي القياس ، وقد ترك من تعمد ذلك ظاهرا مجتمعا عليه .

24309 - وجماعة الفقهاء متفقون أنه لا يحل الجمع بين الأختين بملك اليمين في الوطء ، كما لا يحل ذلك في النكاح .

24310 - وقد أجمع المسلمون على أن معنى قوله عز وجل : حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة [ النساء : 23 ] أن النكاح وملك اليمين في هؤلاء كلهن سواء ، فكذلك يجب أن يكون قياسا ونظرا الجمع بين الأختين والأمهات والربائب ، فكذلك هو عند الجمهور ، وهم الحجة المحجوج بها على من خالفهم ، وشذ عنهم ، والحمد لله .

24311 - وأما كناية قبيصة بن ذؤيب ، عن علي برجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فلصحبته عبد الملك بن مروان ، واشتغال بني أمية للسماع بذكره ، ولا سيما فيما خالف فيه عثمان ، رضوان الله عليهما .

24312 - وأما قول علي : لو أن الأمر إلي لجعلته نكالا ، ولم يقل لحددته حد الزاني ، فلأن من تأول آية ، أو سنة ، ولم يطأ عند نفسه حراما ، فليس بزان [ ص: 252 ] بإجماع ، وإن كان مخطئا إلا أن يدعي في ذلك ما لا يعذر بجهله .

24313 - وقول بعض السلف في الجمع بين الأختين بملك اليمين : أحلتها آية ، وحرمتها آية . معلوم محفوظ ، فكيف يحد حد الزاني من فعل ما فيه مثل هذا من الشبهة القوية ، وبالله التوفيق .

24314 - حدثني خلف بن أحمد ، أن أحمد بن مطرف حدثهم ، قال : حدثني أيوب بن سليمان ، ومحمد بن عمر بن لبابة ، قالا : حدثني أبو زيد عبد الرحمن بن إبراهيم ، قال : حدثني أبو عبد الرحمن المقري ، عن موسى بن أيوب الغافقي ، قال : حدثني عمي إياس بن عامر قال : سألت علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقلت له : إن لي أختين مما ملكت يميني اتخذت إحداهما سرية ، فولدت لي أولادا ، ثم رغبت في الأخرى ، فما أصنع ؟ فقال علي : تعتق التي كنت تطأها ، ثم تطأ الأخرى .

قلت : فإن ناسا يقولون : ثم تزوجها ، ثم تطأ الأخرى ، فقال علي : أرأيت إن طلقها زوجها ، أو مات عنها ، أليست ترجع إليك ؟ لأن تعتقها أسلم لك . ثم أخذ علي بيدي ، فقال لي : إنه يحرم عليك مما ملكت يمينك ما يحرم عليك في كتاب الله من الحرائر ، إلا العدد - أو قال الأربع - ويحرم عليك من الرضاعة [ ص: 253 ] مثل ما يحرم عليك في كتاب الله من النسب .

24315 - قال أبو عمر : في هذا الحديث رحلة لو لم يصب الراحل من أقصى المغرب إلى المشرق إلى مكة غيره لما خابت رحلته .

24316 - وروى أحمد بن حنبل ، قال حدثني محمد بن مسلمة ، عن هشام ، عن ابن سيرين ، عن ابن مسعود ، قال : يحرم من الإماء ما يحرم من الحرائر إلا العدد .

24317 - وعن ابن سيرين ، والشعبي مثل ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية