الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 257 ] ( 15 ) باب النهي عن أن يصيب الرجل أمة كانت لأبيه

1097 - مالك ; أنه بلغه أن عمر بن الخطاب وهب لابنه جارية ، فقال : لا تمسها . فإني قد كشفتها .

مالك ، عن عبد الرحمن بن المجبر ; أنه قال : وهب سالم بن عبد الله لابنه جارية . فقال : لا تقربها فإني قد أردتها ، فلم أنشط إليها .

1098 - وعن يحيى بن سعيد ; أن أبا نهشل بن الأسود ، قال للقاسم بن محمد : إني رأيت جارية لي منكشفا عنها ، وهي في القمر . فجلست منها مجلس الرجل من امرأته . فقالت : إني حائض . فقمت . فلم أقربها بعد . أفأهبها لابني يطؤها ؟ فنهاه القاسم عن ذلك .

1099 - مالك ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، عن عبد الملك بن مروان ; أنه وهب لصاحب له جارية . ثم سأله عنها . فقال : قد هممت أن أهبها لابني ، فيفعل بها كذا وكذا . فقال عبد الملك : لمروان كان أورع منك . وهب لابنه جارية . ثم قال : لا تقربها فإني قد رأيت ساقها منكشفة .


24340 - قال أبو عمر : أعلى ما في هذا المعنى ما أخبرنا به أبو محمد [ ص: 258 ] عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن ، قال : حدثني عبد المؤمن بن محمد بن عثمان بن ثابت ، قال : حدثني إسماعيل بن إسحاق ، قال : حدثني علي بن المديني ، قال : حدثني ابن عيينة ، قال : حدثني يزيد بن يزيد بن جابر ، عن مكحول أن عمر جرد جارية ، فنظر إليها ، ثم نهى بعض ولده أن يقربها .

24341 - وذكر عبد الرزاق ، عن ابن عيينة ، عن يحيى بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن عبد الله وعبد الرحمن ابني عامر بن ربيعة أن عامر بن ربيعة - وكان بدريا - نهاهما عن جارية له أن يقرباها .

قالا : وما علمناه كان منه إليها شيء إلا أن يكون اطلع منها مطلعا كره أن يطلعه أحدهما .

24342 - وعن الثوري ، عن ابن أبي ليلى ، عن الحكم أن مسروقا قال في جارية له : إني لم أصب منها إلا ما حرم على ولدي من اللمس ، والنظر .

24343 - وعن الثوري ، عن معمر عن عاصم بن سليمان ، عن [ ص: 259 ] الشعبي ، عن مسروق أنه قال لبنيه في أمة له : قد نظرت منها منظرا ، وقعدت منها مقعدا ، لا أحب أن تقعدوا منها مقعدي ، ولا تنظروا منظري .

24344 - وعن مجاهد ، وإبراهيم ، والقاسم : التحريم باللمس ، والقبل ، ووضع اليد على الفرج ، والنظر إليه .

24345 - وعن معمر ، عن قتادة ، والحسن قالا : لا يحرمها إلا الوطء .

24346 - قال أبو عمر : قد اختلف عن قتادة في ذلك .

24347 - ولم يختلف عن الحسن فيما علمت ، والله أعلم .

24348 - ذكر ابن أبي شيبة ، قال : حدثني محمد بن يزيد ، عن أبي العلاء ، وقتادة ، وأبي هاشم ، قالا في الرجل يقبل أم امرأته أو ابنتها ، حرمت عليه امرأته .

24349 - قال : حدثني عبد الأعلى ، عن هشام ، عن الحسن في الرجل يقبل المرأة ، أو يلمسها ، أو يأتيها في غير فرجها إن شاء تزوجها ، وتزوج أمها إن [ ص: 260 ] شاء ، وإن شاء ابنتها .

24350 - واتفق مالك ، والثوري ، وأبو حنيفة ، والأوزاعي ، والليث : أن اللمس لشهوة يحرم الأم والابنة ، فيحرمها على الأب ، والابن .

24351 - وهو أحد قولي الشافعي ، وهو الأكثر عنه .

24352 - وله قول آخر أنه لا يحرمها إلا الوطء .

24353 - وبه قال داود .

24354 - واختاره المزني من قولي الشافعي .

24355 - واختلفوا في النظر :

24356 - فقال مالك : إذا نظر إلى شعر جاريته ، أو صدرها ، أو ساقها ، أو شيء من محاسنها تلذذا حرمت عليه أمها .

24357 - وقال ابن أبي ليلى ، والشافعي : لا تحرم بالنظر حتى يلمس .

24358 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : إذا نظر في الفرج بشهوة كان بمنزلة اللمس بشهوة .

[ ص: 261 ] 24359 - وقال الثوري : إذا نظر إلى فرجها متعمدا ، ولم يذكر الشهوة .

24360 - قال أبو عمر : حرم الله - عز وجل - على الآباء حلائل أبنائهم ، وحرم على الأبناء ما نكح آباؤهم من النساء ، وحرم أمهات النساء والربائب المدخول بأمهاتهن .

24361 - وأجمعوا أن ذلك كله أريد به الوطء مع العقد في الزوجات .

24362 - واختلفوا في العقد دون الوطء وفي الوطء دون العقد على ما قد ذكرناه ، والحمد لله .

24363 - وملك اليمين في ذلك كله تبع للنكاح .

24364 - وجاء عن جمهور السلف أنهم كرهوا من اللمس ، والقبل ، والكشف ، ونحو ذلك ما كرهوا من الوطء ورعا ، ودينا ، ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه ، ومن رعى حول الحمى لم يؤمن عليه أن يرتع فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية