الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1150 1101 - مالك ، عن ابن شهاب ، وبلغه عن القاسم بن محمد ; أنهما كانا يقولان : إذا نكح الحر الأمة فمسها ، فقد أحصنته .

24447 - قال مالك : وكل من أدركت كان يقول ذلك : تحصن الأمة الحر . إذا نكحها فمسها فقد أحصنته .

24448 - قال مالك : يحصن العبد الحرة إذا مسها بنكاح . ولا تحصن الحرة العبد ، إلا أن يعتق ، وهو زوجها ، فيمسها بعد عتقه . فإن فارقها قبل أن يعتق فليس بمحصن . حتى يتزوج بعد عتقه ، ويمس امرأته .

24449 - قال مالك : والأمة إذا كانت تحت الحر ثم فارقها قبل أن تعتق . فإنه لا يحصنها نكاحه إياها وهي أمة . حتى تنكح بعد عتقها ، ويصيبها زوجها .

[ ص: 279 ] فذلك إحصانها . والأمة إذا كانت تحت الحر ، فتعتق وهي تحته قبل أن يفارقها . فإنه يحصنها إذا عتقت وهي عنده ، إذا هو أصابها بعد أن تعتق .

24450 - وقال مالك : والحرة النصرانية ، واليهودية ، والأمة المسلمة يحصن الحر المسلم إذا نكح إحداهن ، فأصابها .


24451 - قال أبو عمر : مذهب مالك ، وأصله في هذا الباب أن كل حر جامع جماعا مباحا بنكاح ، وكان بالغا ، فهو يحصن .

24452 - وسواء كانت زوجته مسلمة ، أو ذمية ، حرة ، أو أمة .

24453 - وكذلك كل حرة مسلمة بالغ جومعت بنكاح صحيح نكاحا مباحا ، فهي محصنة وزوجها ، كان زوجها حرا أو عبدا . ولا يقع الإحصان ولا يثبت لكافر ، ولا لعبد ، ذكر ولا أنثى .

24454 - وليس نكاح الحر للأمة إحصانا للأمة ، ولا نكاح الذمي للذمية إحصانا عنده .

24455 - وسيأتي ذكر مذهبه ، ومذهب غيره في رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليهوديين في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى .

24456 - والوطء المحظور والنكاح الفاسد لا يقع به إحصان .

[ ص: 280 ] 24457 - والصغيرة تحصن الكبير عنده ، والأمة تحصن الحر ، والذمية تحصن المسلم ، ولا يحصن الكبير الصغيرة ، ولا الحر الأمة ، ولا المسلم الكافرة ، ولا يقع الإحصان إلا بتمام الإيلاج في الفرج ، أقله مجاوزة الختان الختان .

24458 - فهذا مذهب مالك ، وأصحابه .

24459 - وحد الحصانة التي توجب الرجم في مذهبه : أن يكون الزاني حرا مسلما بالغا عاقلا ، قد وطئ وطئا مباحا في عقد صحيح .

24460 - ولا خلاف بين العلماء أن عقد النكاح لا يثبت به إحصان حتى يجامعهم الوطء الموجب الغسل والحد .

24461 - وقال مالك : إذا تزوجت المرأة خصيا ، ولم يعلم بوطئها ، ثم علمت أنه خصي ، فلها أن تختار فراقه ، ولا يكون ذلك الوطء إحصانها .

24462 - وقال الثوري : لا يحصن الحر المسلم بأمة ولا بكافرة .

24463 - وقال الشافعي : إذا دخل بامرأته ، وهما حران بالغان ، فهما يحصنان ، وسواء كانا مسلمين ، أو كافرين .

24464 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : الإحصان أن يكونا مسلمين حرين بالغين ، قد جامعها جماعا يوجب الحد ، والغسل .

24465 - هذا تحصيل مذهبهم .

24466 - وقد روي عن أبي يوسف في " الإملاء " أن المسلم يحصن [ ص: 281 ] النصرانية ، ولا تحصنه .

24467 - وروي عنه - أيضا - أن النصراني إذا دخل بامرأته النصرانية ، وهما حران بالغان ، ثم أسلما أنهما محصنان .

24468 - وروى بشر بن الوليد ، عن أبي يوسف ، قال ابن أبي ليلى : إذا زنى اليهودي ، والنصراني بعدما أحصن ، فعليهم الرجم .

24469 - قال أبو يوسف : وبه نأخذ .

24470 - وقال الحسن بن حي : لا يكون الحر المسلم محصنا بالكافرة ، ولا بالأمة ، ولا يحصن إلا بالأمة المسلمة .

24471 - قال : ويحصن المسلم الكافرة ، ويحصن الكافران كل واحد منهما صاحبه .

24472 - وقال الليث في الزوجين المملوكين : يكونان محصنين حتى يدخل بها بعد إسلامهما .

24473 - قال : فإن تزوج امرأة في عدتها ، فوطئها ، ثم فرق بينهما ، فهذا إحصان .

24474 - وقال الأوزاعي في العبد تحته حرة : إذا زنى ، فعليه الرجم .

24475 - قال : ولو كانت تحته أمة ، فأعتق ثم زنى لم يكن عليه رجم حتى ينكح غيرها .

[ ص: 282 ] 24476 - وقال في الجارية التي لم تحصن أنها تحصن الرجل ، والغلام الذي لم يحتلم لا يحصن المرأة .

24477 - قال : ولو تزوج امرأة ، فإذا هي أخته من الرضاعة ، فهذا إحصان .

24478 - قال أبو عمر : قول الأوزاعي : إن المملوك يكون محصنا بالحرة ، والمملوكة تكون محصنة بالحر . وليس بشيء لأن الله عز وجل يقول : إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب [ النساء : 25 ] فالرجم لا يتنصف .

24479 - وبيان هذه المسألة في كتاب الحدود عند ذكر حديث أبي هريرة ، وزيد بن خالد في الأمة إذا زنت ، إن شاء الله تعالى .

24480 - قال أبو عمر : روي مثل قول مالك في أن الأمة تحصن الحر ، وأن العبد يحصن الحرة ، وأن الكافرة تحصن الحر عن سعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار ، وابن شهاب .

24481 - وروى معمر ، عن الزهري ، قال : سأل عبد الملك بن مروان عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود : أتحصن الأمة الحر ؟ قال : نعم . قال : عمن ؟ قال : أدركنا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون ذلك .

[ ص: 283 ] 24482 - وروي عن جابر بن زيد ، والحسن ، وسعيد بن جبير مثل ذلك .

24483 - وروي مثل قول الكوفيين عن إبراهيم النخعي ، وعكرمة ، والشعبي ، قالوا : لا يحصن الحر المسلم بيهودية ، ولا نصرانية ، ولا بأمة .

24484 - وقد روي عن إبراهيم : أن اليهودية ، والنصرانية ، والأمة لا تحصن المسلم ، وهو يحصنهن .

24485 - وقد روي عن الحسن أن الأمة لا تحصن الحر ، وأن الكافرة تحصن المسلم ، خالف بين الكافرة والأمة .

24486 - وقال مجاهد ، وطائفة : إذا نكح العبد الحرة أحصنته ، وإذا نكح الحر الأمة أحصنها .

24487 - وقال عطاء بن أبي رباح : نكاح الكتابية إحصان ، وليس نكاح الأمة بإحصان .

24488 - قال أبو عمر : عن التابعين في هذا الباب ضروب من الاضطراب ، [ ص: 284 ] وفي احتجاج أتباع الفقهاء لمذاهبهم في هذا الباب تشعيب .

24489 - وسنذكر عيونا في كتاب الحدود - فهو أولى - إن شاء الله تعالى ، وهو الموفق .

التالي السابق


الخدمات العلمية