الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1151 [ ص: 285 ] ( 18 ) باب نكاح المتعة

1102 - مالك ، عن ابن شهاب ، عن عبد الله والحسن ، ابني محمد [ ص: 286 ] بن علي بن أبي طالب ، عن أبيهما ، عن علي بن أبي طالب رضي الله [ ص: 287 ] عنه ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن متعة النساء يوم خيبر . وعن أكل لحوم الحمر الإنسية .


[ ص: 288 ] 24490 - قال أبو عمر : هكذا قال في هذا الحديث : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن متعة النساء يوم خيبر .

24491 - وتابعه على ذلك أكثر أصحاب ابن شهاب ، منهم : معمر ، ويونس .

24492 - وخالفهم ابن عيينة ، وغيره عن ابن شهاب بإسناده في هذا الحديث : فقالوا فيه : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن نكاح المتعة ، وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر .

[ ص: 289 ] 24493 - وجاز في روايتهم إخراج نكاح المتعة عن يوم خيبر ، وردوا النهي عن أكل لحوم الحمر الأهلية خاصة إلى يوم خيبر .

24494 - ولا يمكن مثل ذلك في رواية مالك وإنما جاء ذلك من قبل ابن شهاب .

24495 - ولا خلاف بين أهل السير ، وأهل العلم بالأثر أن نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لحوم الحمر الأهلية إنما كان يوم خيبر .

24496 - وأما نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن نكاح المتعة ، ففيه اختلاف ، واضطراب كثير :

24497 - فمن ذلك أن إسحاق بن راشد روى هذا الحديث عن الزهري ، عن عبد الله بن محمد بن علي ، عن أبيه ، عن علي ، قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك عن نكاح المتعة .

24498 - ولم يتابع إسحاق بن راشد على هذه الرواية عن ابن شهاب ، وقد تابعه يونس على إسقاط الحسن بن محمد من الإسناد .

24499 - وعند الزهري في هذا الحديث أيضا إسناد آخر ، رواه عنه جماعة من أصحابه ، قال : أخبرني الربيع بن سبرة ، عن أبيه ، قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن [ ص: 290 ] نكاح المتعة يوم الفتح .

24500 - رواه ابن عيينة ، عن الزهري بهذا الإسناد ، عنده فيه الإسناد الأول .

24501 - وقد رواه حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن الزهري ، عن الربيع بن سبرة ، عن أبيه .

24502 - وأسانيد أحاديث هذا الباب كلها في " التمهيد " .

24503 - وقال آخرون : إنما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نكاح المتعة عام حجة الوداع .

24504 - ذكر أبو داود ، قال : حدثني مسدد ، قال : حدثني عبد الرزاق ، عن إسماعيل بن أمية ، عن الزهري ، قال : كنا عند عمر بن عبد العزيز ، فتذاكرنا متعة النساء ، فقال رجل يقال له ربيع بن سبرة - أشهد على أبي أنه حدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عنها في حجة الوداع .

24505 - وذهب أبو داود إلى أن هذا أصح ما روي في ذلك .

24506 - وذكر عبد الرزاق هذا الحديث عن معمر عن الزهري ، عن الربيع بن سبرة ، عن أبيه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم متعة النساء ، لم يزد على هذا ، ولم [ ص: 291 ] يذكر وقتا ، ولا زمنا .

24507 - ورواه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، عن الربيع بن سبرة بأتم ألفاظ .

24508 - وذكر فيه أن ذلك كان في حجة الوداع .

24509 - وقد ذكرناه عنه بإسناده ، وتمام ألفاظه في " التمهيد " من طرق عن عبد العزيز بن عمر بإسناده هذا ، عن الربيع بن سبرة ، عن أبيه ، قال : خرجنا حجاجا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع ، فذكر الحديث ، قال : فلما طفنا بالبيت ، وبين الصفا والمروة ، وحللنا ، قلنا : يا رسول الله ! إن العزبة قد شقت علينا ، فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : " تمتعوا من هذه النسوان " .

24510 - قال : والاستمتاع عندنا : التزويج ، قال : فأتيناهن ، فأبين أن ينكحننا ، إلا أن نجعل بيننا وبينهن أجلا فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : اجعلوا بينكم وبينهن أجلا ، فخرجت أنا وصاحب لي ابن عم وكان أسن مني ، وأنا أشب منه ، وعلي بردة ، وعليه بردة ، وبرده أمثل من بردي ، قال : فأتينا [ ص: 292 ] امرأة من بني عامر ، فعرضنا عليها النكاح ، فنظرت إلي وإليه ، وقالت : برد كبرد ، والشباب أحب إلي ، قال فتزوجتها ، فكان الأجل بيني وبينها عشرا .

24511 - وبعض رواة هذا الحديث يقول فيه : فتزوجتها ثلاثا ببردي ، ثم انقضوا ، قال : فبت معها تلك الليلة ، ثم غدوت إلى المسجد ، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم بين الركن والمقام يخطب ، فسمعته يقول : " إنا كنا أذنا لكم في الاستمتاع من هذه النساء ، فمن كان تزوج امرأة إلى أجل ، فليخل سبيلها ، وليعطها ما سمى لها ، فإن الله - عز وجل - قد حرمها عليكم إلى يوم القيامة " .

24512 - وكان الحسن البصري يقول : هذه القصة كانت في عمرة القضاء .

24513 - ذكره عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عمرو ، عن الحسن ، قال : ما حلت المتعة قط إلا ثلاثا في عمرة القضاء ، ما حلت قبلها ، ولا بعدها .

24514 - وهذا المعنى إنما يوجد من حديث ابن لهيعة ، عن الربيع بن سبرة ، [ ص: 293 ] عن أبيه .

24515 - وقد روي في المتعة والنهي عنها من حديث سهل بن سعد ، وسلمة بن الأكوع ، وابن مسعود ، وغيرهم .

24516 - ففي حديث سهل بن سعد قال : إنما رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لغربة كانت بالناس شديدة ، ثم نهى النبي ، صلى الله عليه وسلم .

24517 - وفي حديث سلمة بن الأكوع ، قال : رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام أوطاس في المتعة ثلاثا ، ثم نهى عنها .

24518 - وفي حديث ابن مسعود ، رواه ابن أبي شيبة ، قال : حدثني وكيع ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن ابن مسعود ، قال رخص لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن شباب أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ، ثم نهانا عنها ، يعني عن المتعة يوم خيبر ، وعن لحوم الحمر الأهلية .

[ ص: 294 ] 24519 - فهذا ما في هذا الباب من " المسند " .

24520 - وقد ذكرنا أسانيد هذه الأحاديث ، وسائر أحاديث هذا الباب في " التمهيد " والحمد لله .

24521 - وأما الصحابة ، فإن الأكثر منهم على النهي عنها ، وتحريمها .

24522 - روى مالك بن أنس ، وغيره عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال عمر : متعتان كانتا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا أنهى عنهما ، وأعاقب عليهما : متعة النساء ، ومتعة الحج .

24523 - قال أبو عمر : متعة النساء معلومة ، وقد أوضحنا معنى قوله .

24524 - ومتعة الحج في كتاب الحج .

24525 - ومعنى قوله : كانتا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني : ثم نهى عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم .

24526 - وروى ابن جريج ، وعمرو بن دينار ، عن عطاء ، قال : سمعت [ ص: 295 ] جابر بن عبد الله يقول تمتعنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر ، ونصف خلافة عمر ، ثم نهى عمر الناس عنها في شأن عمرو بن حريث .

24527 - هذا لفظ حديث ابن جريج ، وحديث عمرو بمعناه .

24528 - قال ابن جريج : وأخبرني عطاء أن ابن عباس كان يراها حلالا حتى الآن ويقول : فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى ، فأتوهن أجورهن .

24529 - قال : وقال ابن عباس في حرف ، أي : إلى أجل مسمى .

24530 - قال عطاء : واستمتع معاوية ، وعمرو بن حريث ، فنهاهما عمر .

24531 - قال عطاء : وسمعت ابن عباس يقول : يرحم الله عمر ، ما كانت المتعة إلا رحمة من الله ، رحم الله بها أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ولولا نهي عمر عنها ما احتاج إلى الزنا إلا شقي .

24532 - قال أبو عمر : أصحاب ابن عباس من أهل مكة واليمن كلهم يرون المتعة حلالا على مذهب ابن عباس ، وحرمها سائر الناس .

24533 - وقد ذكرنا الآثار عمن أجازها في " التمهيد " .

[ ص: 296 ] 24534 - قال معمر : قال الزهري : ازداد الناس لها مقتا حين قال الشاعر :


يا صاح : هل لك في فتيا ابن عباس

24535 - قال أبو عمر : هما بيتان :


قال المحدث لما طال مجلسه     يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس
في بضة رخصة الأطراف آنسة     تكون مثواك حتى مرجع الناس

24536 - وروى الليث عن سعد بن بكير بن الأشج ، عن عمار - مولى الشريد - قال : سألت ابن عباس عن المتعة ، أسفاح هي أم نكاح ؟ قال : لا سفاح هي ولا نكاح .

24537 - قلت : فما هي ؟ قال : المتعة كما قال الله تعالى .

24538 - قلت : هل عليها عدة ؟ قال : نعم حيضة .

24539 - قلت : يتوارثان ؟ قال : لا .

24540 - قال أبو عمر : لم يختلف العلماء من السلف والخلف أن المتعة نكاح إلى أجل لا ميراث فيه .

24541 - والفرقة تقع عند انقضاء الأجل من غير طلاق ، وليس هذا من حكم الزوجة عند أحد من المسلمين .

[ ص: 297 ] 24542 - وقد حرم الله - عز وجل - الفروج إلا بنكاح صحيح ، أو ملك يمين .

24543 - وليست المتعة نكاحا صحيحا ، ولا ملك يمين .

24544 - وقد نزعت عائشة والقاسم بن محمد ، وغيرهما في تحريمها ، ونسخها ، لقوله تعالى : والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون [ المؤمنون : 5 - 7 ] .

24545 - وأما قوله تعالى : فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة [ النساء : 24 ] .

24546 - فروي عن علي - رضي الله عنه - قال : نسخ صوم شهر رمضان كل صوم ، ونسخت الزكاة كل صدقة ، ونسخ الطلاق ، والعدة ، والميراث المتعة ، ونسخت الضحية كل ذبح .

24547 - وعن ابن مسعود قال : المتعة منسوخة نسخها الطلاق والعدة والميراث .

[ ص: 298 ] 24548 - وروي من حديث أبي هريرة عن النبي - عليه السلام - مثله .

24549 - وروى الثوري ، عن داود بن أبي هند ، عن سعيد بن المسيب ، قال : نسخها الميراث .

24550 - وفي تأويل : فما استمتعتم به منهن [ النساء : 24 ] قول ثان ، روي معناه عن جماعة ، منهم : عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه .

24551 - والحسن بن أبي الحسن - رحمه الله - قال : هو النكاح الحلال ، فإذا عقد النكاح ، ولم يدخل ، فقد استمتع بالعقدة ، فإن طلقها قبل أن يدخل بها ، فلها نصف الصداق ، وإن دخل بها ، فلها الصداق كله ; لأنه قد استمتع بها المتعة الكاملة .

24552 - قالوا : وقوله تعالى : ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة [ النساء : 24 ] مثل قوله تعالى : فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا [ النساء : 4 ] .

24553 - ومثل قوله تعالى : إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح [ البقرة : 237 ] وهو أن تترك المرأة ، أو يترك لها .

[ ص: 299 ] 24554 - وقد روي عن ابن عباس أنه انصرف عن المتعة . وأنه قال : نسخ المتعة : ياأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن [ الطلاق : 1 ] .

24555 - وروي أنه قال : الاستمتاع هو النكاح .

24556 - وهي كلها آثار ضعيفة ، لم ينقلها أحد يحتج به .

24557 - والآثار عنه بإجازة المتعة أصح . ولكن العلماء خالفوه فيها قديما وحديثا ، حتى قال ابن الزبير : لو متع ابن عباس لرجمته .

24558 - وقال ابن أبي ذئب : سمعت ابن الزبير يخطب ، فقال في خطبته : إن الذئب يكنى أبا جعدة ، ألا وإن المتعة هي الزنا .

24559 - وقال هشام بن الغاز : سمعت مكحولا يقول في الرجل يتزوج المرأة إلى أجل قال : هو الزنا .

24560 - وعبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه سئل عن المتعة ؟ فقال : حرام ، فقيل له : إن ابن عباس يفتي بها ، فقال : فهلا تزمزم بها في زمن عمر .

[ ص: 300 ] 24561 - ذكره أبو بكر ، قال : حدثني عبدة ، عن عبيد الله .

24562 - قال : وحدثني ابن عيينة ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ، أنه قال في المتعة : لا نعلمها إلا السفاح .

24563 - وروى الحجاج بن أرطاة عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، قال : قلت لابن عباس : هل ترى ما صنعت ، وبما أفتيت ، سارت بفتياك الركبان ، وقالت فيها الشعراء ، فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، لا والله ما أحللت منها إلا ما أحل الله من الميتة ، والدم ، ولحم الخنزير . يعني عند الاضطرار ، والله أعلم .

24564 - قال أبو عمر : اتفق أئمة علماء الأمصار من أهل الرأي ، والآثار ، منهم : مالك وأصحابه من أهل المدينة ، وسفيان ، وأبو حنيفة من أهل الكوفة ، والشافعي ومن سلك سبيله من أهل الحديث والفقه والنظر ، والليث بن سعد من أهل مصر ، والمغرب ، والأوزاعي في أهل الشام ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأبو عبيد ، وداود ، والطبري على تحريم نكاح المتعة لصحة نهي [ ص: 301 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندهم عنها .

24565 - واختلفوا في معنى منها ، وهو الرجل يتزوج المرأة عشرة أيام ، أو شهرا ، أو أياما معلومات ، وأجلا معلوما .

24566 - فقال مالك ، والثوري ، وأبو حنيفة ، والشافعي ، والأوزاعي : هذا نكاح المتعة ، وهو باطل ، يفسخ قبل الدخول ، وبعده .

24567 - وقال زفر : إن تزوجها عشرة أيام ، أو نحوها ، أو شهرا ، فالنكاح ثابت ، والشرط باطل .

24568 - وقالوا كلهم ، إلا الأوزاعي : إذا نكح المرأة نكاحا صحيحا ، ولكنه نوى في حين عقده عليها ألا يمكث معها إلا شهرا ، أو مدة معلومة ، فإنه لا بأس به ، ولا تضره في ذلك نيته إذا لم يكن شرط ذلك في نكاحه .

24569 - قال مالك : وليس على الرجل إذا نكح أن ينوي حبس امرأته إن وافقته ، وألا يطلقها .

24570 - وقال الأوزاعي لو تزوجها بغير شرط ، ولكنه نوى أن لا يحبسها إلا شهرا ، أو نحوه ، فيطلقها ، فهي متعة ، ولا خير فيه .

[ ص: 302 ] 24571 - قال أبو عمر : في حديث ابن مسعود بيان أن المتعة نكاح إلى أجل .

وهذا يقتضي الشرط الظاهر ، وإذا سلم العقد منه صح ، وبالله التوفيق .

24572 - وأما الحمر الأهلية ، فلا خلاف اليوم بين علماء المسلمين أنه لا يجوز أكلها ، لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها .

24573 - وعلى ذلك جماعة السلف ، إلا ابن عباس ، وعائشة فيما روي عنهما أنهما كانا لا يريان بأكلها بأسا ، ويتأولان قول الله عز وجل : لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير [ الأنعام : 145 ] .

24574 - وهذه الآية قد أوضحنا فيما تقدم من كتابنا ما للعلماء في تأويلها ، وأنها آية مكية نزل بعدها قرآن كثير بتحريم ، وتحليل ، وبين ذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - فنهى عن أكل لحوم الحمر ، والسباع .

24575 - وقد مضى القول في أكل السباع في بابه من هذا الكتاب ، والحمد لله .

[ ص: 303 ] 24576 - وقد روي عن ابن عباس ، عن النبي - عليه السلام - من رواية الثقات النهي عن أكل لحوم الحمر ، والسباع ، وكل ذي مخلب من الطير .

24577 - رواه الثوري ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن ابن عباس .

24578 - ورواه سعيد بن أبي عروبة ، عن علي بن الحكم ، عن ميمون بن مهران ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبي عليه السلام .

24579 - وهو الذي تحمل إضافته إلى ابن عباس لموافقته جماعة الناس في لحوم الحمر .

24580 - وليس أحد بحجة على السنة ; لأن على الكل فيها الطاعة والاتباع .

24581 - وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي عن أكل لحوم الحمر الأهلية من وجوه كثيرة صحاح من حديث علي بن أبي طالب ، وعبد الله بن عمرو وجابر بن عبد الله ، والبراء بن عازب ، وعبد الله بن أبي أوفى ، وأنس بن مالك ، وزاهر الأسلمي ، رضي الله عنهم .

[ ص: 304 ] 24582 - وقد ذكرناها بأسانيدها في " التمهيد " .

24583 - وفي حديث أنس أن منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نادى يوم خيبر أن الله ، ورسوله ينهاكم عن لحوم الحمر الأهلية .

24584 - وفي حديث جابر ، قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر عن لحوم الحمر ، وأذن في لحوم الخيل .

24585 - قال أبو عمر : في هذا الحديث أوضح الدليل على أن النهي عن أكل الحمر الأهلية عبادة ، وشريعة ، لا لعلة الحاجة إليها ; لأنه معلوم أن الحاجة إلى الخيل في العرف أوكد ، وأشد ، وأن الخيل أرفع حالا ، وأكثر جمالا ، فكيف يؤذن للضرورة في أكلها ، وينهى عن الحمر ؟ هذا من المحال الذي لا يستقيم .

24586 - وقد ذكرنا اختلاف الفقهاء في أكل لحوم الخيل ، ومن كرهها منهم ، ومن أباحها فيما تقدم من كتاب الذبائح والصيد ، والحمد لله .

التالي السابق


الخدمات العلمية