الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
135 109 - وأما حديث مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة أنها قالت : " كنت أرجل رأس رسول الله وأنا حائض " .


3413 - ففيه تفسير لقوله تعالى " فاعتزلوا النساء في المحيض " ( سورة البقرة : 222 ) . لأن اعتزالهن كان يحتمل ألا يقربن ولا يجتمع معهن .

3414 - ويحتمل أن يكون اعتزال الوطء خاصة . فأتت السنة بما قدمنا في حديث أنس من أنه أراد الجماع ، على حسب ما وصفنا .

3415 - وبمثل ذلك معنى ترجيل عائشة - وهي حائض - لرأسه - عليه السلام - .

[ ص: 202 ] 3416 - وذكرنا في التمهيد من قال عن مالك في هذا الحديث عن عائشة : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدني إلي رأسه ، وأنا في حجرتي وهو معتكف ، فأرجله وأنا حائض .

3417 - وذكرنا معاني الاعتكاف ، وحكم المباشرة فيها ، والحمد لله .

3418 - وفي ترجيل عائشة لرأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي حائض - دليل على طهارة الحائض ، وأنه ليس منها شيء نجس غير موضع الحيض ، ولذلك قال لها - عليه السلام - " إن حيضتك ليست في يدك " حين سألها أن تناوله الخمرة ، فقالت : إني حائض .

3419 - وفيه ترجيل الشعر ، وفي ترجيله لشعره - عليه السلام - وسواكه ، وأخذه من شاربه ، ونحو ذلك . ما يدل على أنه ليس من السنة ، ولا الشريعة ما خالف النظافة وحسن الهيئة في اللباس والزينة التي من شكل الرجال - للرجال ، ومن شكل النساء للنساء .

3420 - ويدل على أن قوله عليه السلام " البذاذة من الإيمان " أراد به اطراح الشهوة في الملبس ، والإسراف فيه ، الداعي إلى التبختر والبطر ؛ ليصح معاني الآثار ، ولا تتضاد .

3421 - ومن معنى هذا الحديث حديث عبد الله بن مغفل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الترجل إلا غبا ، يريد عند الحاجة ؛ لئلا يكون ثائر الرأس شعثه كأنه شيطان ، كما [ ص: 203 ] جاء عنه - عليه السلام - .

3422 - وقد ذكرنا الآثار المرفوعة في معاني هذا الباب وشواهد بما وصفنا في مواضع من التمهيد ، والحمد لله .

التالي السابق


الخدمات العلمية