الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1167 1118 - مالك ، عن ابن شهاب ، عن رافع بن خديج ; أنه تزوج بنت محمد بن مسلمة الأنصاري . فكانت عنده حتى كبرت . فتزوج عليها فتاة شابة . فآثر الشابة عليها ، فناشدته الطلاق فطلقها واحدة . ثم أمهلها . حتى إذا كادت تحل راجعها . ثم عاد فآثر الشابة . فناشدته الطلاق فطلقها واحدة . ثم راجعها . ثم عاد فآثر الشابة . فناشدته الطلاق . فقال : ما شئت ، إنما بقيت واحدة . فإن شئت استقررت على ما ترين من الأثرة . وإن شئت فارقتك . قالت : بل أستقر على الأثرة . فأمسكها على ذلك . ولم ير رافع عليه إثما حين قرت عنده على الأثرة .


24982 - قال أبو عمر : قوله - والله أعلم - فآثر الشابة عليها يريد الميل بنفسه إليها والنشاط لها ، لا أنه آثر عليها في مطعم وملبس ومبيت ; لأن هذا لا ينبغي أن يظن بمثل رافع .

[ ص: 380 ] 24983 - ألا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " من كانت له زوجتان فمال إلى إحداهما ، جاء يوم القيامة وشقه مائل " .

24984 - وما أظن رافعا فعل ذلك إلا من قوله تعالى : وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير [ النساء : 128 ] .

24985 - ترك بعض حقها .

24986 - وفي معنى هذه الآية كانت قصة سودة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوهبت يومها لعائشة وقرت بذلك عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - روضة منها في أن تكون زوجة في الدنيا والآخرة .

24987 - وروى هشام بن عروة ، عن أبيه عن عائشة أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة ، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم لعائشة يومها ويوم سودة .

24988 - وروى الزهري ، عن عروة ، عن عائشة فقال فيه : إن سودة وهبت يومها لعائشة تبتغي بذلك رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

24989 - وروى ابن عيينة ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب أن رافع بن خديج كانت تحته ابنة محمد بن مسلمة ، فكره من أمرها ، إما كبرا وإما غيره ، [ ص: 381 ] فأراد أن يطلقها ، فقالت : لا تطلقني ، واقسم لي ما شئت .

24990 - فجرت السنة بذلك ، فنزلت : وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا [ النساء : 128 ] .

24991 - وأرفع ما قيل في تأويل قول الله تعالى : وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا [ النساء : 128 ] .

24992 - ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثني أبو الأحوص ، عن سماك بن حرب . عن خالد بن غزية ، عن علي بن أبي طالب أن رجلا سأله عن هذه الآية ؟ فقال : هي المرأة تكون عند الرجل ، فتنبو عيناه عنها من دمامتها أو فقرها ، أو كبرها ، أو سوء خلقها ، وتكره فراقه ، فإن وضعت له شيئا من مهرها حل له ، فإن جعلت له من أيامها ، فلا حرج .

24993 - وروى معمر ، عن الزهري قصة رافع بن خديج التي ذكر مالك بمعنى حديث مالك ، سواء .

24994 - وزاد : فذلك الصلح الذي بلغنا أنه نزلت فيهما : وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا [ النساء : 128 ] .

[ ص: 382 ] 24995 - وروى هشيم ، عن يونس ، وهشام عن ابن سيرين ، عن عبيدة ، قال : هما على ما اصطلحا عليه ، فإن انتقضت ، فعليه أن يعدل عليهما ، أو يفارقها .

24996 - قال هشيم : وأخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم مثل ذلك .

24997 - قال : وأخبرنا حجاج بن أرطاة ، عن مجاهد مثل ذلك .

24998 - قال : وأخبرنا يونس ، عن الحسن قال : ليس لها أن تنتقض ، وهو على ما اصطلحا عليه .

24999 - قال أبو عمر : قول الحسن هذا هو قياس قول مالك في من أنظر بالدين أو أعار العارية إلى مدة ، ونحو ذلك من مسائله .

25000 - وقول عبيدة ، وإبراهيم ، ومجاهد هو قياس قول الشافعي والكوفي ; لأنها هبة منافع طارئة ، لم تقبض ، فجاز الرجوع فيها ، وبالله التوفيق .

تم كتاب النكاح بحمد الله وعونه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما .

يتلوه كتاب الطلاق .

التالي السابق


الخدمات العلمية