الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1179 [ ص: 63 ] ( 4 ) باب ما يجب فيه تطليقة واحدة من التمليك

1130 - مالك ، عن سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت ، عن خارجة بن زيد بن ثابت ; أنه أخبره أنه كان جالسا عند زيد بن ثابت فأتاه محمد بن أبي عتيق وعيناه تدمعان . فقال له زيد : ما شأنك ؟ قال : ملكت امرأتي أمرها ففارقتني فقال له زيد : ما حملك على ذلك ؟ قال : القدر . فقال زيد : ارتجعها إن شئت . فإنما هي واحدة . وأنت أملك بها .


[ ص: 64 ] 25290 - قال أبو عمر : هو مذهب مالك ، والشافعي أن الطلقة الواحدة في التمليك رجعية ، يملك الزوج فيها رجعة امرأته .

25291 - وعند الكوفيين : الطلقة بائنة ، وقد تقدم ذلك في الباب قبل هذا .

25292 - ولا حجة في هذا الباب من جهة الرأي إلا أن يعارضها مثلها ، ولا أثر فيه يجب التسليم له ; للاختلاف بين السلف فيه .

25293 - وأولى ما قيل به في ذلك أن كل طلقة على ظاهر الكتاب ، فواجب أن تكون رجعية ; لقول الله تعالى : لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا [ الطلاق : 1 ] ولقوله عز وجل : وبعولتهن أحق بردهن في ذلك [ البقرة : 228 ] وهو الرجعة حتى تكون ثلاثا ، فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ، إلا أن من اشترط من النساء في حين عقد نكاحها أنك إن تزوجت علي ، أو تسريت ، أو كذا ، أو كذا ، فأمري بيدي ، فالطلاق هاهنا بائن واحدة ولا رجعة له فيها ، إلا برضاها .

25294 - وكذلك الخيار عند جمهور العلماء في الأمة تعتق تحت العبد أن طلاقها واحدة بائنة ; لأن لو كانت رجعية لم تكن الأمة المعتقة تشفع باختيارها ، ولا المرأة التي اشترطت طلاقها عند عقد نكاحها لم تكن أيضا تنتفع بشرطها .

25295 - وكذلك المختلعة ; لأنها ابتاعت عصمتها من زوجها بمالها .

25296 - فلو كانت له الرجعة لذهب مالها ، ولم ينتفع بذلك .

25297 - وعلى هذا جمهور العلماء ، وسترى ذلك في باب الخلع - إن شاء [ ص: 65 ] الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية