الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1180 1131 - مالك ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ; أن رجلا من ثقيف ملك امرأته أمرها . فقالت : أنت الطلاق . فسكت ، ثم قالت : أنت الطلاق ، فقال : بفيك الحجر . ثم قالت : أنت الطلاق . فقال : بفيك الحجر . فاختصما إلى مروان بن الحكم . فاستحلفه ما ملكها إلا واحدة وردها إليه .

قال مالك ، قال عبد الرحمن : فكان القاسم يعجبه هذا القضاء . ويراه أحسن ما سمع في ذلك .

قال مالك : وهذا أحسن ما سمعت في ذلك ، وأحبه إلي .


25298 - قال أبو عمر : قد مضى في الباب قبل هذا . وقد ذكرنا ما للمملك من المناكرة ، وأن ذلك مردود إلى قوله ونيته ، وما للعلماء في ذلك من التنازع ما يغني عن إعادته .

25299 - وإنما للمملك أن يناكر امرأته إذا أوقعت أكثر من واحدة ، إذا كان التمليك منه لها في غير عقد نكاحها .

[ ص: 66 ] 25300 - وأما إذا جعل لها في عقد نكاحها أن أمرها بيدها إن أخرجها من دارها ، أو تزوج عليها ، أو غاب عنها ، ونحو ذلك ، ثم فعل ، فطلقت نفسها ما شاء من الطلاق ، فلا تكره له في ذلك .

25301 - هذا قول مالك .

25302 - وأما قول المرأة في هذا الخبر لزوجها : أنت الطلاق فقد اختلف الفقهاء في الرجل يخير المرأة ، فتقول : قد طلقتك ، ولم تقل : قد طلقت نفسي ، أو بقول الرجل لامرأته : أنت طالق :

25303 - فقال مالك ، والشافعي : تطلق المرأة بذلك كله .

25304 - وقال أبو حنيفة ، والثوري ، والأوزاعي : لا يلحق بذلك طلاق .

25305 - واحتج بعض من يقول بقول الكوفيين في ذلك بقول الله - عز وجل : وإذا طلقتم النساء [ البقرة : 232 ] ولم يقل : إلا أن طلقكن النساء .

25306 - وبمثل هذا من آي القرآن قال : ومن قال لامرأته : أنا منك طالق ، فإنما طلق نفسه ، ولم يطلق زوجته .

[ ص: 67 ] 25307 - قال أبو عمر : الذي يحضرني في هذا للحجازيين أن الطلاق إنما يراد به الفراق ، وجائز أن يقال في كلام العرب : فارقتك ، وفارقتني ، فعلى هذا يصح : فارقتني زوجتي ، وفارقتها ، كما يصح بانت مني ، وبنت منها ، وهي علي حرام ، وأنا عليها حرام ، فعلى هذا المعنى يصح قول أهل الحجاز ، لا على طلقتني زوجتي ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية