الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1191 [ ص: 144 ] ( 9 ) باب ظهار العبيد

1146 - مالك ; أنه سأل ابن شهاب عن ظهار العبد ؟ فقال : نحو ظهار الحر . قال مالك : يريد أنه يقع على الحر .

25700 - قال مالك : وظهار العبد عليه واجب . وصيام العبد في الظهار شهران .

25701 - قال مالك ، وفي العبد يتظاهر من امرأته : إنه لا يدخل عليه إيلاء . وذلك أنه لو ذهب يصوم صيام كفارة المتظاهر . دخل عليه طلاق الإيلاء . قبل أن يفرغ من صيامه .


25702 - وقال أبو عمر : أما قوله في العبد يتظاهر من امرأته أنه لا يدخل عليه إيلاء ، فهو أصل مذهبه أنه لا يدخل عنده على المظاهر إيلاء حرا كان أو عبدا ، إلا أن يكون مضارا ، وهذا ليس بمضار إذا ذهب يصوم لكفارته .

25703 - وأما قوله لذلك أنه لو ذهب يصوم صيام المتظاهر دخل عليه طلاق الإيلاء قبل أن يفرغ من صيامه ، فإن هذا القول أدخله مالك على من يقول من [ ص: 145 ] المدنيين وغيرهم أن بانقضاء أجل الإيلاء يقع الطلاق ، وهو يقول : إن أجل إيلاء العبد شهران ، فقال مالك : لو وقع الطلاق بانقضاء أجل إيلاء العبد وهو شهران لم تصح له كفارة ، وهو لا يكفر إلا بالصوم ، فكيف يكون مكفرا ويلزمه الطلاق ، هذا محال .

25704 - قال أبو عمر : ذكر ابن عبدوس ، قال : قلت لسحنون : فإذا لم يدخل على العبد الإيلاء ، فما تصنع المرأة ؟ قال : ترفعه إلى السلطان ، فإما فاء ، وإما طلق عليه .

25705 - وذكر ابن المواز ، عن ابن القاسم ، روى عن مالك أنه إذا تبين [ ص: 146 ] ضرورة ، ومنعه سيده الصوم أنه يضرب له أجل الإيلاء .

25706 - وقال : وهذا خلاف ما قاله في موطئه .

25707 - وذكر ابن حبيب ، عن أصبغ أنه إذا منعه سيده من الصيام فليس بمضار .

25708 - وقال ابن الماجشون : ليس لسيده أن يمنعه من الصيام ; لأنه قد أذن له في النكاح ، وهذا من أسباب النكاح .

25709 - قال ابن حبيب : وهو قول ابن شهاب ، ويحيى بن سعيد .

25710 - قال أبو عمر : لا خلاف علمته بين العلماء أن ظهار العبد لازم ، وأن كفارته المجتمع عليه الصوم .

25711 - واختلفوا في العتق ، والإطعام .

25712 - فأجاز للعبد العتق إن أعطاه سيده ما يعتق : أبو ثور ، وداود ، وأبى ذلك سائر العلماء .

25713 - وقال الشافعي ، وأبو حنيفة ، وأصحابهما ، وعثمان البتي ، والحسن بن حي لا يجزئه إلا الصوم ، ولا يجزئه العتق ، ولا الإطعام .

25714 - وروى وكيع ، عن الثوري في العبد يظاهر : الصوم أحب إلي من الإطعام .

25715 - وقال الأوزاعي : إذا طاق الصيام صام ، وإن لم يستطع يستكره أهله [ ص: 147 ] على الإطعام عنه .

25716 - وقال ابن القاسم ، عن مالك : إن أطعم بإذن مولاه أجزأه ، وإن أعتق بإذنه لم يجزئه .

25717 - وأحب إلينا أن يصوم ، قال ابن القاسم : ولا أرى هذه المسألة إلا وهما مني ; لأنه إذا قدر على الصوم لم يجز الإطعام في الحر ، فكيف العبد ، وعسى أن يكون جواب المسألة في كفارة اليمين بالله ، ولا يجزئه العتق في شيء من الكفارات ، والصوم في كفارة اليمين أحب إلي من الإطعام ، والإطعام يجزئ بإذن المولى ، وفي نفسي منه شيء .

25718 - قال أبو عمر : هذه المسألة مبنية على ملك العبد ، والاحتجاج لمن قال : العبد يملك ، ومن قال : لا يملك ليس هذا موضعه وقد أكثروا من ذلك ، وليس للمولى منع العبد من الصوم ; لأنه حق للمرأة ، أوجبه لها النكاح ، فلها المطالبة به ، فصار كحق الله في الصوم الواجب ، والله أعلم .

25719 - قال مالك : إطعام العبد إذا أذن له سيده كإطعام الحر ستين مسكينا ، وهذا أيضا لا أعلم فيه خلافا ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية