الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1192 [ ص: 148 ] ( 10 ) باب ما جاء في الخيار

1147 - مالك ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة أم المؤمنين ; أنها قالت : كان في بريرة ثلاث سنن . فكانت إحدى السنن الثلاث أنها أعتقت فخيرت في زوجها . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الولاء لمن أعتق . ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم والبرمة تفور بلحم ، فقرب إليه خبز وأدم من أدم البيت . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم أر برمة فيها لحم ؟ فقالوا : بلى . يا رسول الله . ولكن ذلك لحم تصدق به على بريرة ، وأنت لا تأكل الصدقة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو عليها صدقة ، وهو لنا هدية .


25720 - قال أبو عمر : قد تكلمنا على ما في حديث بريرة في باب هشام بن عروة من التمهيد ، وأتينا من تخريج وجوهه ، وتبيين معانيه بما فيه [ ص: 149 ] الشفاء لمن نظر فيه ، ونذكر ذلك كله إن شاء الله في باب العتق في هذا الكتاب ، فهناك يأتي حديث هشام بن عروة ، وغيره في باب مصير الولاء لمن أعتق ، ونذكر هاهنا مسائل خيار الأمة وغيرها من معاني الخيار الذي له قصد مالك بترجمة الباب ، وإدخاله إياه في هذا الكتاب .

25721 - وكذلك نذكر هاهنا أيضا خيار الأمة وغيرها من معاني الخيار ، ولحم بريرة ، والصدقة به ، والهدية ، ونبين ذلك بمبلغ وسعنا ، وبالله - عز وجل - عوننا ، وتوفيقنا ، لا بسواه .

25722 - فأما قول عائشة - رضي الله عنها - أن بريرة أعتقت ، فخيرت في زوجها ، فكانت سنة ، فإن من ذلك سنة مجتمعا عليها ، ومنها : ما اختلف فيه .

25723 - فأما المجتمع عليه الذي لا خلاف بين العلماء فيه أن الأمة إذا أعتقت تحت عبد قد كانت زوجت منه ، فإن لها الخيار في البقاء معه أو مفارقته ، فإن اختارت البقاء معه في عصمته لزمها ذلك ولم يكن لها فراقه بعد ، وإن اختارت مفارقته فذلك لها .

[ ص: 150 ] 25724 - هذا ما لا خلاف فيه بين العلماء .

25725 - واختلفوا في وقت خيار الأمة إذا أعتقت :

25726 - فقال مالك ، والشافعي ، وأصحابهما ، والأوزاعي : لها الخيار ما لم يمسها زوجها .

25727 - قال الشافعي : ما أعلم في ذلك وقتا إلا ما قالت حفصة - رضي الله عنها .

25728 - قال أبو عمر : روي عن حفصة ، وأخيها عبد الله بن عمر : أن للأمة الخيار إذا أعتقت ما لم يمسها زوجها .

التالي السابق


الخدمات العلمية