الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 297 ] ( 19 ) باب نفقة الأمة إذا طلقت وهي حامل

26467 - قال مالك : ليس على الحر ولا عبد طلقا مملوكة ولا على عبد طلق حرة طلاقا بائنا نفقة وإن كانت حاملا ، إذا لم يكن له عليها رجعة .


26468 - قال أبو عمر : على هذا جمهور أهل الفتوى بالأمصار ; لأن المملوكة لا تستحق النفقة إلا بالمعنى تستحقه به الحرة ، وهو تسليم سيدها لها ; لأن الحرة إذا دعي زوجها إلى البناء بها ، وكانت ممن يمكن وطؤها وجبت النفقة لها .

26469 - وكذلك إذا دعا الزوج إلى البناء ، وكانت ممن توطأ لزم إسلامها إليه ، ووجبت بذلك نفقتها عليه ، فإذا امتنعت منه لم تجب لها نفقة كالناشز .

26470 - وكذلك المملوكة إذا لم يسلمها زوجها إلى سيدها ويبوءها معه بيتا لم يلزمه لها نفقة ; لمنعه لها ; لأن لسيدها أن يستخدمها ، ولا يسلمها إليه ، فإن كانت المملوكة لا تجب لها النفقة إلا لما وصفنا ، فأحرى ألا تجب لها النفقة إذا كانت مطلقة .

26471 - وإنما سقطت نفقة المملوكة الحامل من أجل أن ولدها مملوك لسيدها ، فلا تلزم أحد نفقة على عبده لغيره .

[ ص: 298 ] 26472 - وهذا كله قول مالك ، ومعناه .

26473 - وقد روي عن مالك أن النفقة للأمة على زوجها ، وإن لم يبوءها معه بيتا إذا لم يحل بينه وبينها .

26474 - وقال الشافعي : وعلى العبد نفقة امرأته الحرة المسلمة والكتابية ونفقة الأمة إذا بوئت معه بيتا ، وإذا احتاج سيدها إلى خدمتها ، فكذلك له ، ولا نفقة لها .

26475 - وقال : ونفقته لها نفقة المعتمر ; لأنه ليس من عبد إلا وهو يقتر ; لأن كل ما بيده لسيده .

26476 - قال : وليس على العبد أن ينفق على ولده أحرارا كانوا أو مماليك .

26477 - وقال : وإذا كان الولد من حرة ، وأبوه مملوكا ، فأمهم أحق بهم ، وليس على الأب إذا لم تكن فيه الحرية نفقة ولده من زوجه له حرة .

26478 - وقال الكوفيون : من طلق زوجته ، وهي أمة طلاقا بائنا ، وقد كان بوأها معه بيتا ، وضمها إليه ، وقطعها عن خدمته ، فإن النفقة لها على مطلقها .

26479 - ولا نفقة لها على مطلقها إذا كان مولاها لم يبوؤها معه بيتا .

26480 - قال أبو عمر : قد أوجب قوم من السلف نفقته نفقة زوجته [ ص: 299 ] الحامل .

26481 - ذكر أبو بكر ، قال : حدثني عبد الأعلى ، عن يونس ، عن الحسن في الحرة تحت العبد ، والأمة تحت الحر ، فيطلقان ، وهما حاملان ، ولهما النفقة .

26482 - قال : وحدثني عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن الشيباني ، عن الشعبي في العبد يطلق امرأته وهي حامل ، قال : عليه النفقة حتى تضع .

26483 - قال : حدثني حفص ، عن أشعث ، عن الحكم ، قال : إذا طلق العبد امرأته ، وهي حرة أنفق عليها حتى تضع ، فإذا وضعت لم ينفق عليها .

26484 - قال : وحدثني عبد الأعلى عن معمر ، عن الزهري في الحر إذا كانت تحته أمة ، فطلقها حاملا ، قال : عليه النفقة حتى تضع .

26485 - قال : وليس عليه أجر الرضاع .

26486 - وذكر عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، وقتادة في الحرة يطلقها العبد حاملا ، قالا : النفقة على العبد وليس عليه أجر الرضاع .

26487 - وقال : في الحر تحته الأمة كذلك ، وفي العبد تحته الأمة كذلك .

26488 - قال : وسمعت الزهري في الأمة الحبلى المطلقة ينفق عليها [ ص: 300 ] حتى تضع حملها .

26489 - وقال ابن جريج : بلغني أن الحرة إذا طلقها العبد حاملا ، لا ينفق عليها إلا بإذن سيده ، والأمة كذلك .

26490 - قال : وإذا وضعت ، فلا ينفق على ولده من أجل أنه لا يرثه .

26491 - قال أبو عمر : لما لم تجب نفقة الولد على العبد ، ولا حق الرضاع كان ذلك دليلا على أن النفقة على الحامل المبتوتة ، لا تجب ; لأن النفقة عليها إنما هي من أجل ولدها .

26492 - وأما الرجعية : فحكمها حكم الزوجة في النفقة ، والسكنى بإجماع من العلماء ، فالعبد فيها كهو في زوجته سواء ، وبالله التوفيق .

26493 - وقال أحمد في الأمة إذا زوجت لزم زوجها ، أو سيدها النفقة إن كان مملوكا ، وإن كانت أمة تأوي بالليل عند الزوج ، وبالنهار عند المولى اتفق كل واحد منهما مدة مقامها عنده .

26494 - فإن كان لها أم ولد لم تلزم الزوج نفقة ولدها حرا ، كان أو عبدا ، ونفقتهم على سيدهم ، وليس على العبد نفقة ولده حرة كانت ، أو أمة .

26495 - قال أبو عمر : من أوجب النفقة للمبتوتة الحامل على الحر أو العبد ، أوجبها بظاهر القرآن من قوله تعالى : وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن . [ الطلاق : 6 ] .

26496 - ومن أخرج العبد من هذا الخطاب أخرجه بالدليل المخرج في كل ما [ ص: 301 ] يجب من الحقوق في الأموال ، فلما لم تجب عليه زكاة ما بيده من المال ، ولا أن يتلف منه شيئا إلا بإذن سيده كان كذلك لا يخرج مما بيده من مال سيده في إنفاقه على زوجته ، وسنوضح أقوالهم في السنة بإذن العبد في النكاح حيث يجب - إن شاء الله تعالى ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية