الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1238 1195 - مالك ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب : أنه قال : عدة المستحاضة سنة .


[ ص: 100 ] 27012 - قال أبو عمر : اختلف العلماء في عدة المستحاضة :

27013 - فقال مالك : عدة المستحاضة سنة ، الحرة والأمة في ذلك سواء .

27014 - وهو قول الليث .

27015 - قال الليث : عدة المطلقة ، والمستحاضة المتوفى عنها سنة ، إذا كانت مستحاضة .

27016 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : عدة المستحاضة ، وغيرها سواء ، ثلاث حيض إن كانت الأقراء معروفا موضعها ، وإلا فهي كالآيسة .

27017 - وقال الشافعي : إذا طبق عليها الدم ، فإن كان دمها ينفصل ، فيكون في أيام أحمر قانيا محتدما كثيرا ، أو فيما بعد رقيقا قليلا ، فحيضها أيام الدم المحتدم الكثير ، وطهرها أيام الدم الرقيق المائل إلى الصفرة .

[ ص: 101 ] وإن كان دمها مشتبها كله كان حيضتها بقدر عدد أيام حيضها فيما مضى قبل الاستحاضة .

27018 - وإن بدت مستحاضة ، أو قيست أيام حيضتها ذكرت الصلاة يوما وليلة ، واستقبل عليها الحيض من أول هلال يأتي عليها بعد وقوع الطلاق ، فإذا هل هلال الشهر الرابع انقضت عدتها .

27019 - وقال الحسن البصري ، والزهري ، وجابر بن زيد ، وعطاء ، والحكم ، وإبراهيم ، وحماد : تعتد المستحاضة بالأقراء .

27020 - وقال طاوس ، وعكرمة : تعتد بالشهور .

27021 - وبه قال قتادة .

27022 - وقال أحمد ، وإسحاق في المستحاضة : إن كانت أقراؤها معلومة مستقيمة فعدتها أقراؤها ، وإن اختلطت عليها فعدتها سنة .

27023 - قال أبو عبيد : إذا جهلت أقراءها فعدتها ثلاثة أشهر ، وإن علمتها اعتدت بها .

27024 - قال أبو عمر : أما إذا كانت أقراؤها معلومة ، فهي من ذوات الأقراء .

27025 - فعند جابر أن تعتد بالشهور ، أليست عليها حيضتها ، وعلمت أنها تحيض في كل شهر مرة اعتدت ثلاثة أشهر .

[ ص: 102 ] 27026 - وكذلك إن علمت أنها ممن تحيض لمدة معلومة اعتدت بأقرائها ، وإن تباعدت ، والله أعلم .

27027 - وقال مالك في المتوفى عنها زوجها : إن ارتابت من نفسها انتظرت حتى تذهب عنها الريبة ، وإن لم ترتب ، فعدتها أربعة أشهر وعشر .

27028 - وقال أبو عمر : أوجب الله تعالى على المتوفى عنها زوجها أن تتربص أربعة أشهر وعشرا قبل أن تنكح .

27029 - وأجمع العلماء على أن ذلك عام في الحرة الصغيرة والكبيرة ما لم تكن حاملا عبادة من الله في الصغيرة ، وبراءة للأرحام فيمن يخاف عليهن الحمل ، وحفظا للأنساب .

27030 - واختلفوا هل يلزم ذوات الأقراء أن تكون الأربعة الأشهر والعشر فيهن حيضة أم لا ؟

27031 - فقال مالك وأصحابه : إن المتوفى عنها إن كانت ممن تحيض ، فلا بد من حيضة في الأربعة الأشهر والعشر ; لتصح بها براءة رحمها ، وإن لم تحض ، فهي عندهم سواء به على اختلاف أصحابه في ذلك .

27032 - وروى أشهب ، وابن نافع عن مالك : أنه سأله ابن كنانة على الحرة تعتد أربعة أشهر وعشرا ، ولم تسترب ، وذلك أن حيضتها من ستة أشهر إلى ستة أشهر ، أتتزوج ؟ قال : لا تتزوج حتى تحيض ، وتبرأ من الريبة .

27033 - قال ابن نافع : أرى أن تتزوج ، ولا تنتظر ، وأما التي لا تتزوج [ ص: 103 ] فهي التي وفت حيضتها أربعة أشهر وعشرا ، مما دون ، فيتجاوز الوقت ، ولم تحض بتلك المدة .

27034 - وروى ابن القاسم ، عن مالك ، قال : إذا كانت عادتها في حيضها أكثر من أمر العدة ، ولم تسترب نفسها ، ورآها النساء ، فلم يروا بها حملا تزوجت إن شاءت .

27035 - وروى ابن حبيب ، عن ابن الماجشون مثل ذلك .

27036 - وروي عن مطرف ، عن مالك مثل رواية أشهب ، وابن نافع .

27037 - قال أبو عمر : الذي عليه مذهب أبي حنيفة ، والثوري ، والشافعي ، وجمهور أهل العلم أن الأربعة الأشهر والعشر للمتوفى عنها برء ما لم تسترب نفسها ريبة تنفيها بالحمل ، فتكون عدتها وضع حملها حينئذ دون مراعاة الأربعة الأشهر والعشر .

27038 - قال مالك : والمرتفعة الحيض من المرض كالمرتابة في العدة .

27039 - قال : والأمة المستحاضة ، والمرتابة بغير الحيض حالهما في العدة وحال الحرة سواء سنة .

27040 - وقال مالك في قوله - عز وجل - : إن ارتبتم [ الطلاق : 4 ] معناه : إن لم تدروا ما تصنعون في أمرها .

27041 - وقال مالك في التي يرفع الرضاع حيضتها : إنها لا تحل حتى تحيض ثلاث حيض ، وليست كالمرتابة والمستحاضة .

27042 - قال أبو عمر : أما التي يرتفع حيضها من أجل الرضاع ، فقد ذكر [ ص: 104 ] مالك فيها حديثا ، في كتاب طلاق المريض ، عن يحيى بن يحيى ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، أن عثمان قضى فيها عن رأي أنها ترث زوجها إذا لم تحض ثلاث حيض .

27043 - وذكر أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن عبد الحميد بن جعفر ، عن يزيد بن أبي حبيب ، قال : كتب إلي الزهري : أن رجلا طلق امرأته ، وهي ترضع ابنا له ، فمكثت سبعة أشهر ، أو ثمانية أشهر لا تحيض ، فقيل له : إن مت ورثتك ، فقال : احملوني إلى عثمان ، فحملوه ، فأرسل عثمان إلى علي ، وزيد ، فسألهما ، فقالا : نرى أن ترثه ، فقالا : لأنها ليست من اللاتي يئسن من المحيض ، ولا من اللاتي لم يحضن ، وإنما يمنعها من الحيض الرضاع ، فأحذ الرجل ابنه منها فلما فقدته حاضت حيضة ، ثم حاضت في الشهر الثاني حيضة أخرى ، ثم مات قبل أن تحيض الثالثة ، فورثته .

27044 - قال : وحدثنا أبو خالد الأحمر ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن يحيى بن حبان بن منقذ كانت عنده امرأتان امرأة من بني هاشم ، وامرأة من الأنصار ، وأنه طلق الأنصارية ، وهي ترضع ، وكانت إذا أرضعت مكثت سنة لا تحيض ، فمات حبان عن رأس السنة ، فورثها عثمان ، وقال للهاشمية : هذا رأي ابن عمك علي بن أبي طالب .

التالي السابق


الخدمات العلمية