الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1251 1212 - عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ; أنه سئل عن المرأة يتوفى عنها زوجها وهي حامل ؟ فقال عبد الله بن عمر : إذا وضعت حملها فقد حلت . فأخبره رجل من الأنصار كان عنده ، أن عمر بن الخطاب قال : لو وضعت وزوجها على سريره لم يدفن بعد ، لحلت .


27395 - وحديث عمر هذا عند ابن عيينة ، عن الزهري ، عن سالم بن عبد الله ، قال : سمعت رجلا من الأنصار يحدث أبي يقول : سمعت أباك عمر بن الخطاب يقول : إن وضعت ما في بطنها ، وزوجها على السرير ، حلت .

27396 - وعند ابن عيينة أيضا في هذا الباب عن ابن شهاب في هذا الحديث المسند ، رواه ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، عن أبيه ، أن سبيعة بنت الحارث وضعت بعد وفاة زوجها بليال ، فمر بها أبو السنابل بن بعكك بعد ذلك بأيام ، فقال : قد تصنعت للأزواج ، إنما هي أربعة أشهر وعشرا ، [ ص: 175 ] فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " كذب أبو السنابل ، أو ليس كما قال أبو السنابل ، إنك قد حللت ، فتزوجي " .

27397 - حدثني بذلك كله عبد الوارث ، قال : حدثني قاسم ، قال : حدثني الخشني ، قال : حدثني ابن أبي عمر ، قال : حدثني ابن عيينة .

27398 - ومالك ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه قال : إذا وضعت حملها ، فقد حلت .

27399 - وعلى القول بحديث أم سلمة في قصة سبيعة جماعة العلماء بالحجاز ، والعراق ، والشام ، ومصر ، والمغرب ، والمشرق اليوم .

27400 - ولا خلاف في ذلك إلا ما روي عن علي ، وابن عباس في المتوفى عنها زوجها أنه لا يبرأها من عدتها إلا آخر الأجلين ، وقالت به فرقة [ ص: 176 ] ليست معدودة في أهل السنة .

27401 - وروى معمر ، والثوري ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، قال : بلغ ابن مسعود أن عليا يقول : هي لآخر الأجلين - يعني الحامل المتوفى عنها زوجها ، فقال ابن مسعود : من شاء لاعنته أن هذه الآية التي في سورة النساء القصرى : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن [ الطلاق : 4 ] نزلت بعد التي في البقرة : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا [ البقرة : 234 ] .

27402 - وذكر عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : كان ابن عباس يقول : إن مات عنها زوجها وهي حامل فآخر الأجلين ، وإن طلقها حاملا ، ثم توفي عنها ، فآخر الأجلين ، فقلت له : فأين قول الله تعالى ؟ ! : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن [ الطلاق : 4 ] فقال : ذلك في الطلاق بلا وفاة .

[ ص: 177 ] 27403 - قال أبو عمر : لولا حديث سبيعة بهذا البيان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الآيتين ، لكان القول ما قاله علي ، وابن عباس ; لأنهما محدثان مجتمعان بصفتين قد اجتمعتا في الحامل المتوفى عنها زوجها ، فلا تخرج منها إلا بيقين ، واليقين آخر الأجلين .

27404 - ألا ترى إلى قول الفقهاء من الحجازيين ، والعراقيين في أم ولد تكون تحت زوج ، فيموت عنها زوجها ، ويموت سيدها ، فلا يدرى أيهما مات أولا ؟ أن عليها أن تأتي بالعدتين ، ولا تبرأ إلا بهما ، وذلك أربعة أشهر وعشر فيها حيضة ; لأن عدة أم الولد - إذا مات سيدها - حيضة ، وربما كان موته قبل موت زوجها ، فعليها عدة الحرة ، ولا تخرج من ذلك إلا باليقين ، ولا يقين في أمرها إلا بتمام أربعة أشهر وعشر فيها حيضة ، وبذلك تنقضي العدتان .

27405 - إلا أن السنة بينت المراد في المتوفى عنها الحامل ; لحديث سبيعة ، ولو بلغت السنة عليا ما عدا القول فيها .

27406 - وأما ابن عباس ، فقد روي عنه أنه رجع إلى القول بحديث سبيعة [ ص: 178 ] ويصحح ، والله أعلم بذلك ، إن أصحابه : عطاء ، وعكرمة ، وجابر بن زيد يقولون : إن الحامل المتوفى عنها زوجها إذا وضعت ، فقد حلت للأزواج ، ولو كان وضعها لحملها بعد موت زوجها بساعة .

27407 - وهو قول جماعة أهل العلم ، وأئمة الفتوى بالأمصار ، إلا أنه روي عن الحسن ، والشعبي ، وإبراهيم ، وحماد أنها لا تنكح ما دامت في دم نفاسها .

27408 - وقول الجماعة أولى ; لأن ظاهر الأحاديث يشهد بأنها إذا وضعت فقد حلت للأزواج ، أي حل لهم أن يخطبوها ، وحل عقد النكاح عليها ، فإذا طهرت من نفاسها حل للزوج العاقد عليها وطؤها .

التالي السابق


الخدمات العلمية