الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
27894 - قال مالك : والأمر عندنا ، أنه لا بأس بأن يبتاع العبد التاجر الفصيح ، [ ص: 12 ] بالأعبد من الحبشة ، أو من جنس من الأجناس ليسوا مثله في الفصاحة ولا في التجارة ، والنفاذ والمعرفة ، لا بأس بهذا أن تشتري منه العبد بالعبدين ، أو بالأعبد ، إلى أجل معلوم ، إذا اختلف فبان اختلافه فإن أشبه بعض ذلك بعضا حتى يتقارب فلا يأخذ منه اثنين بواحد إلى أجل ، وإن اختلف أجناسهم .

27895 - قال مالك : ولا بأس بأن تبيع ما اشتريت مع ذلك قبل أن تستوفيه ، إذا انتقدت ثمنه من غير صاحبه الذي اشتريته منه .


27896 - قال أبو عمر : مذهب مالك الذي لا اختلاف فيه عنه ، وعن أصحابه هو معنى ما رسمه هاهنا ، وفي باب ما يجوز من بيع الحيوان بعضه ببعض ، والسلف فيه من " الموطأ " .

27897 - وجملة ذلك بأنه لا بأس عنده : العبد بالعبدين ، والفرس بالفرسين ، والبعير بالبعيرين ، وكذا سائر الحيوان إذا اختلفا في الغرض فيهما ، والمنفعة بهما .

ولا يجوز إذا كانت المنافع والأعراض منفعة ، وسنبين ذلك في باب بيع الحيوان بعضه ببعض - إن شاء الله عز وجل .

27898 - ومذهب الشافعي : أنه لا بأس بكل ما لا يؤكل ، وما لا يشرب من الحيوانات وغيره أن يباع بعضه ببعض كيف شاء المتبايعان ، اثنين بواحد ، يدا بيد [ ص: 13 ] ونسيئة ، اختلفت أصنافه ، أو اتفقت ، إلا الذهب ، والورق ، فإنه لا يجوز في بعضها ببعض نسيئة ، وكذلك الطعام كله .

27899 - وقول الشافعي هذا كله قول سعيد بن المسيب ، وسيأتي في موضعه من هذا الكتاب - إن شاء الله .

27900 - وقال الكوفيون : لا يجوز شيء من الحيوان واحد باثنين نسيئة من كل شيء جنسا واحدا كان ، أو أجناسا مختلفة ، وسواء اختلفت المنافع أو اتفقت .

27901 - وهو قول الثوري .

27902 - وسنذكر وجوه أقوالهم في باب ما يجوز من بيع الحيوان بعضه ببعض - إن شاء الله تعالى .

27903 - وأما قول مالك : فلا بأس أن تبيع مع ذلك ما اشتريت من قبل أن تستوفيه ، فإنه لا يجوز عند الشافعي ، وأبي حنيفة ، وأصحابهما بيع شيء من الحيوان قبل قبضه ، لا من صاحبه الذي ابتعته منه ، ولا من غيره حتى تستوفيه يقبض له ما يقبض به مثله .

27904 - واختلف الشافعي ، وأبو حنيفة في بيع العقار قبل القبض على ما نذكره في بابه من هذا الكتاب - إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية