الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
28113 - قال مالك : الأمر المجتمع عليه عندنا في الرجل يشتري العبد ، ثم يظهر منه على عيب يرده منه ، وقد حدث به عند المشتري عيب آخر إنه ، إذا كان العيب الذي حدث به مفسدا ، مثل القطع أو العور أو ما أشبه ذلك من العيوب المفسدة . فإن الذي اشترى العبد بخير النظرين ، إن أحب أن يوضع عنه من ثمن العبد ، بقدر العيب الذي كان بالعبد يوم اشتراه ، وضع عنه ، وإن أحب أن يغرم قدر ما أصاب العبد من العيب عنده ، ثم يرد العبد ، فذلك له ، وإن مات العبد عند الذي اشتراه ، أقيم العبد وبه العيب الذي كان به يوم اشتراه ، فينظر كم ثمنه ؟ فإن كانت قيمة العبد يوم اشتراه بغير عيب ، مائة دينار ، وقيمته يوم اشتراه وبه العيب ، ثمانون دينارا ، وضع عن المشتري ما بين القيمتين ، وإنما تكون القيمة يوم اشترى العبد .


28114 - قال أبو عمر : أما اختلاف العلماء فيمن اشترى سلعة ، أو عبدا ، أو وليدة ، أو غير ذلك من العروض ، فحدث عنده بالعبد عيب ، ثم وجد به عيبا كان عند البائع فقد أوضح مالك مذهبه في ذلك .

28115 - وقال الشافعي ببغداد : إذا أصاب بالسلعة عيبا ، وقد حدث به آخر كان له الرد ، وما نقصها العيب الذي حدث عنده .

28116 - وبهذا قال أبو ثور ، ورواه عن الشافعي أيضا ، وهو قول ابن أبي [ ص: 53 ] ليلى .

28117 - وقال الشافعي بمصر : إذا حدث عنده عيب لم يكن له رده ولكنه يرجع بأرش النقص على البائع ، ليس له غير ذلك إلا أن يشاء البائع أن يقيله ، ويأخذها معيبة دون أن يأخذ من المشتري شيئا ، وقال - حينئذ - للمشتري : سلمها ، وإن شئت فأمسكها ، ولا ترجع بشيء .

28118 - رواه المزني ، والربيع ، والبويطي عنه .

28119 - وقال أبو حنيفة : إذا حدث عنده عيب لم يكن له أن يرد العيب الذي وجد ، وله أخذ الأرش .

28120 - وقال الثوري : إذا اشترى الرجل السلعة ، فرأى بها عيبا ، وقد حدث بها عيب لم يكن له أن يرد بالعيب ، فهي للمشتري ، ويرد عليه البائع فضل ما بين الصحة والداء .

28121 - قال أبو عمر : القولان في القياس متساويان ، وكأن مالكا في قوله بتخيير المشتري قد جمع معنى القولين ، وأما إذا مات العبد ، فقولهم فيه سواء .

28122 - وقال ابن القاسم في هذه المسألة : إن البائع قال للمشتري : أنا أخيرك ؛ فإن شئت فاردده ، ولا غرم عليك ، وإن شئت فاحبسه ، ولا غرم عليك ؛ كان ذلك له .

28123 - وخالف في ذلك عبد الله بن نافع ، وعيسى بن دينار ، فقالا فيه [ ص: 54 ] بقول مالك : لا يكون المخير إلا المبتاع .

28124 - قال : وكيف يدلس البائع بالعيب ، ثم يخير ، فيتخير ما فيه النماء والفضل ، ويترك ما فيه النقص ؟ .

التالي السابق


الخدمات العلمية