الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
28803 - قال مالك : ولا بأس أن يشتري الرجل الذهب بالفضة . والفضة بالذهب جزافا ، إذا كان تبرا أو حليا قد صيغ . فأما الدراهم المعدودة . والدنانير المعدودة فلا ينبغي لأحد أن يشتري شيئا من ذلك جزافا حتى يعلم ويعد ، فإن اشترى ذلك جزافا ، فإنما يراد به الغرر ، حين يترك عده ويشتري جزافا ، وليس هذا من بيوع المسلمين ، فأما ما كان يوزن من التبر والحلي ، فلا بأس أن يباع ذلك جزافا وإنما [ ص: 226 ] ابتياع ذلك جزافا ، كهيئة الحنطة والتمر ونحوهما من الأطعمة التي تباع جزافا ، ومثلها يكال ، فليس بابتياع ذلك جزافا بأس .


28804 - قال أبو عمر : أجاز أكثر العلماء بيع الذهب بالورق جزافا ، عينا كان ذلك ، أو تبرا ، دراهم كانت ، أو دنانير ، والمصوغ وغيره في ذلك سواء ; لأن التفاضل بينهما حلال جائز ، وإذا جاز الدينار بأضعافه دراهم جاز الجزاف في ذلك يدا بيد ، كما يجوز القصد إلى المفاضلة بينهما يدا بيد .

28805 - وإلى هذا ذهب الشافعي ، وأبو حنيفة ، وأصحابهما ، وداود ، ولم يجعلوه قمارا ، ولا غررا .

28806 - وأما قول مالك : إن التبر ، والحلي تباع جزافا كما تباع الحنطة والتمر ، فهذا عنده على أن يكون البائع لا يعلم وزن الحلي ، والتبر ، ولا وزن الحنطة والتمر ، فإن علمه ، ولم يعلمه المبتاع لم يجز عنده إلا كما يجوز بيع ما دلس فيه بعيب .

28807 - وقد قال بقول مالك في ذلك الأوزاعي ، وطائفة .

28808 - وأما الشافعي ، وأبو حنيفة ، وأصحابهما ، وداود ، فذلك [ ص: 227 ] عندهم جائز .

28809 - وستأتي هذه المسألة أيضا في موضعها - إن شاء الله عز وجل .

التالي السابق


الخدمات العلمية