الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
29157 - قال مالك : وإذا اختلف ما يكال أو يوزن ، مما يؤكل أو يشرب ، فبان اختلافه ، فلا بأس أن يؤخذ منه اثنان بواحد يدا بيد ، ولا بأس أن يؤخذ صاع من تمر بصاعين من حنطة ، وصاع من تمر بصاعين من زبيب ، وصاع من حنطة بصاعين من سمن ، فإذا كان الصنفان من هذا مختلفين . فلا بأس باثنين منه بواحد . أو أكثر من ذلك يدا بيد ، فإن دخل ذلك الأجل فلا يحل .

29158 - قال مالك : ولا تحل صبرة الحنطة بصبرة الحنطة ، ولا بأس بصبرة الحنطة بصبرة التمر ، يدا بيد ، وذلك أنه لا بأس أن يشتري الحنطة بالتمر جزافا .

29159 - قال مالك : وكل ما اختلف من الطعام والأدم فبان اختلافه ، فلا بأس أن يشتري بعضه ببعض ، جزافا يدا بيد ، فإن دخله الأجل فلا خير فيه ، وإنما اشتراء ذلك جزافا كاشتراء بعض ذلك بالذهب والورق جزافا .

[ ص: 43 ] 29160 - قال مالك : وذلك ، أنك تشتري الحنطة بالورق جزافا ، والتمر بالذهب جزافا ، فهذا حلال لا بأس به .


29161 - قال أبو عمر : على ما رسمه مالك ، وذكره من هذا مذهب الشافعي ، والكوفي ، وجمهور العلماء في تحريم النسيئة في الطعام بعضه ببعض من صنف واحد كان ، أو من صنفين مختلفين .

29162 - وتحريم النسيئة دون التفاضل في الجنسين على ما ذكرنا من اختلاف أصولهم في الأصناف ، والأجناس ، وكل ما جاز فيه التفاضل من الطعام جاز بيع بعضه ببعض جزافا صبرا ، وغير صبر ، ومعلوما بمجهول ، ومجهولا ، بمجهول ، وأما ما لا يجوز فيه التفاضل ، فلا يجوز بيعه جزافا ولا يباع منه معلوم بمجهول المقدار ولا مجهول بمعلوم المقدار . 29163 - وهذا كله قد تقدم مثله في باب بيع الفاكهة ، وذكرنا هناك أيضا مذهب الكوفيين في أن الجنس بانفراده يحرم النسيئة .

29164 - وكذلك الكيل ، والوزن عندهم كل واحد منهما بانفراده يحرم النسيئة ، وإن اختلف الجنس .

29165 - والشافعي ، ومالك ، والكوفيون متفقون في أن الصنف الواحد [ ص: 44 ] يحرم فيه النسيء والتفاضل في المأكول ، والمشروب المدخر عند مالك ، وعند الشافعي المأكول مدخر ، وغير مدخر ، والجنسان من المأكول والمشروب يجوز فيهما التفاضل ، ويحرم النسيئة على ما ذكرنا من اختلاف مالك ، والشافعي في المأكول غير المدخر .

29166 - وزاد الكوفيون على الحجازيين مراعاة الكيل ، والوزن ، وإن اختلف الجنس ، لأن الكيل ، والوزن عندهم كالجنس ، وغير المأكول ، والمشروب عندهم كالمأكول والمشروب إذا كان بوزن ، فهو جنس ، أو كان يكال ، فهو جنس ، والجنس عندهم الصنف عندنا .

29167 - وقد مضى ذلك كله في باب بيع الفاكهة بأبسط من هذا .

29168 - وأما الذهب والفضة ، وإن كانا موزونين ، فلا يشبهما غيرهما من الموزونات عند الجميع ، لأنهما مسلمان في كل شيء من الموزون وغيره ولا يسلم بعضها ببعض .

29169 - وقال مالك ، والشافعي : لا يجوز أن يباع شيء من الطعام كله ، والإدام بعضه ببعض إلا يدا بيد .

29170 - وقال أبو حنيفة : إن افترقا في المجلس ، ثم تقابضا بعد لم يصر [ ص: 45 ] العقد .

29171 - وقول الليث في ذلك كقول مالك ، والشافعي ، وذلك عندهم كالصرف .

29172 - وخالف أبو حنيفة في قوله هذا بينه وبين الصرف .

التالي السابق


الخدمات العلمية