الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 112 ] ( 28 ) باب بيع اللحم باللحم .

1324 - قال مالك : الأمر المجتمع عليه عندنا في لحم الإبل والبقر والغنم وما أشبه ذلك من الوحوش أنه لا يشترى بعضه ببعض . إلا مثلا بمثل ، وزنا بوزن ، يدا بيد ، ولا بأس به . وإن لم يوزن إذا تحرى أن يكون مثلا بمثل . يدا بيد .

قال مالك : ولا بأس بلحم الحيتان ، بلحم الإبل والبقر والغنم . وما أشبه ذلك من الوحوش كلها . اثنين بواحد . وأكثر من ذلك ، يدا بيد . فإن دخل ذلك ، الأجل ، فلا خير فيه .

قال مالك : وأرى لحوم الطير كلها مخالفة للحوم الأنعام والحيتان ، فلا أرى بأسا بأن يشترى بعض ذلك ببعض ، متفاضلا . يدا بيد ، ولا يباع شيء من ذلك ، إلى أجل .


29462 - قال أبو عمر : هذا مذهب مالك ، لا خلاف عنه في ذلك .

29463 - وذكر ابن القاسم ، وغيره في الألبان مثل ذلك .

29464 - وهو قول الليث بن سعد في اللحوم ، والألبان سواء .

29465 - وأما الشافعي ، فذكر المزني عنه ، قال : اللحم كله صنف واحد ، [ ص: 113 ] وحشيه ، وإنسيه ، وطائره ، لا يجوز بيعه إلا مثلا بمثل ، وزنا بوزن .

29466 - وجعله في موضع آخر على قولين .

( أحدهما ) : ما ذكرنا .

( والآخر ) : أن لحم البقر صنف غير لحم الإبل ، وغير لحم الغنم .

29467 - قال المزني : قد قطع بأن ألبان البقر ، والغنم ، والإبل أصناف مختلفة ، قال فلحومها التي هي أصول الألبان أولى بالاختلاف .

19468 - وقال الشافعي في " الإملاء " إذا اختلفت أجناس الحيتان ، فلا بأس ببيع بعضها ببعض متفاضلا ، قال : وكذلك لحوم الطير إذا اختلفت أجناسها .

29469 - وقال أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد : لحم الضأن والماعز شيء واحد ، وكذلك البختي من الإبل مع القوهي ، وكذلك البقر مع الجواميس فلا يباع الجنس منها متفاضلا ، ويباع لحم البقر بلحم الغنم متفاضلا ، وكذلك الأجناس المختلفة .

29470 - وهو قول الحسن بن حي .

29471 - والقول عندهم في الألبان كالقول في اللحمان .

29472 - وقال أحمد بن حنبل : اللحمان كلها جنس واحد ، لا يجوز بعضه ببعض رطبا ، ويجوز إذا تناهى جفافه مثلا بمثل .

[ ص: 114 ] 29473 - قال أبو عمر : لا يجوز التحري عند الشافعي ، ولا عند أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، وأكثر العلماء في اللحم باللحم ، ولا فيما يحرم فيه التفاضل ، والزيادة ، والله أعلم .

29474 - قال أبو عمر : ليس في هذا الباب أصل مجتمع عليه ، ولا سنة يصدر عنها ، وإنما هو الرأي والاجتهاد ، والقياس ، والله الموفق .

التالي السابق


الخدمات العلمية