الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1371 [ ص: 193 ] ( 35 ) باب الملامسة والمنابذة .

1333 - مالك ، عن محمد بن يحيى بن حبان : وعن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة والمنابذة .

29788 - قال مالك : والملامسة أن يلمس الرجل الثوب ولا ينشره ، ولا يتبين ما فيه ، أو يبتاعه ليلا ولا يعلم ما فيه ، والمنابذة أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه ، وينبذ الآخر إليه ثوبه على غير تأمل منهما ، ويقول كل واحد منهما : هذا بهذا ، فهذا الذي نهي عنه من الملامسة والمنابذة .


[ ص: 194 ] 29789 - قال أبو عمر : كان بيع الملامسة ، وبيع المنابذة ، وبيع الحصى بيوعا يتبايعها أهل الجاهلية .

29790 - وكذلك روي عن أبي سعيد ، وابن عمر .

29791 - فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها ، ومعناها يجمع الخطر والغرر ، والقمار ، لأنه بغير تأمل ، ولا نظر ، ولا تقليب ، ولا يدري حقيقة ما اشترى .

29792 - وتفسير مالك لذلك ، وغيره من العلماء قريب من السواء ، وهو معنى ما ذكرنا .

29793 - وكذلك بيع الحصى ، وذلك أن تكون ثياب مبسوطة ، فيقول المبتاع للبائع : أي ثوب من هذه الثياب وقعت عليه الحصى التي أرمي بها ، فهي لي ، فيقول له البائع : نعم .

29794 - فهذا كله ، وما كان مثله من شراء ما لا يقف المبتاع على عينه وقوف تأمل له ، وعلم به ، ولا يعرف مبلغه هو بيع فاسد في معنى ما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه .

29795 - أخبرنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثني قاسم بن أصبغ قال : حدثني المطلب بن شعيب ، قال : حدثني عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث ، قال : حدثني يونس ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني عامر بن سعد : أن [ ص: 195 ] أبا سعيد الخدري ، قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبستين ، وعن بيعتين ، ونهى عن الملامسة ، والمنابذة في البيع .

29796 - والملامسة : أن يلمس الرجل الثوب بيده بالليل ، أو بالنهار ولا يقلبه إلا بذلك .

29797 - والمنابذة : أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه ، وينبذ الآخر إليه ثوبه ، ويكون ذلك بيعهما على غير نظر ، ولا تأمل .

29798 - وقد ذكرنا الاختلاف في إسناد هذا الحديث ، وفي ألفاظه في [ ص: 196 ] " التمهيد " .

29799 - وسيأتي ذكر اللبستين عند ذكر اللبسة الصماء من الجامع إن شاء الله تعالى .

29800 - وتفسير الشافعي في الملامسة والمنابذة على نحو تفسير مالك لذلك .

29801 - قال الشافعي : ومعنى الملامسة أن يأتي بالثوب مطويا ، فيلمسه المشتري أو يأتي به في ظلمة ، فيقول رب الثوب : أبيعك هذا على أنه إذا وجب البيع ، فنظرت إليه ، فلا خيار لك .

29802 - والمنابذة : أن يقول : أنبذ إليك ثوبي هذا ، وتنبذ إلي ثوبك ، على أن كل واحد منهما بالآخر ، لا خيار لنا إذا عرفنا الطول ، والعرض .

29803 - قال أبو عمر : هذا قول الشافعي ، يدل على صحة ما روي عنه ، وما روى عنه الربيع في أنه يجيز البيع على خيار الرؤية .

29804 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : الملامسة ، والمنابذة بيعان لأهل الجاهلية ، كان إذا وضع يده على ما ساوم به ، فقد ملكه ، وإذا نبذه إليه ، فقد ملكه ، ووجب الثمن المذكور عليه ، وإن لم تطب بذلك نفسه فذلك قمار ، لا يتابع .

[ ص: 197 ] 29805 - وقال ابن شهاب الزهري : الملامسة كان القوم يتبايعون السلع ، ولا ينظرون إليها ، ولا يخبرون عنها .

29806 - والمنابذة أن ينابذ القوم السلع ، ولا ينظرون إليها ، ولا يخبرون عنها .

29807 - وقال ربيعة : الملامسة ، والمنابذة من أبواب القمار .

29808 - قال أبو عمر : مما اتفقوا عليه أنه من باب الملامسة : بيع الأعمى والمس بيده ، أو بيع البز وسائر السلع ليلا دون صفة .

التالي السابق


الخدمات العلمية