الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
141 - وقد روى مالك عن نافع ، عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه في الإحرام حذو منكبيه وفي غير الإحرام دون ذلك قليلا .


4341 - وكل ذلك واسع حسن ، وابن عمر روى الحديث وهو أعلم بمخرجه وتأويله . وكل ذلك معمول عند العلماء به .

4342 - وأما قوله في الحديث : وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك ، وقال : " سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد " - فإن أهل العلم اختلفوا في الإمام ; هل يقول : سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد ، أم يقتصر على " سمع الله لمن حمده " فقط ؟

4343 - فذهب مالك ، وأبو حنيفة ، ومن قال بقولهما - إلى أن الإمام يقول : سمع [ ص: 111 ] الله لمن حمده ، لا غير .

4344 - وحجتهم حديث الزهري عن أنس ، عن النبي - عليه السلام - قوله في الإمام : " وإذا ركع فاركعوا ، وإذا رفع فارفعوا ، وإذا قال : سمع الله لمن حمده - فقولوا : ربنا ولك الحمد " .

4345 - فقصر الإمام على قول : سمع الله لمن حمده ، والمأموم على قول : ربنا ولك الحمد .

4346 - وقال الشافعي ، وأبو يوسف ، ومحمد بن الحسن ، وجماعة من أهل الحديث - يقول الإمام : سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد .

4347 - وقال مالك : يقولها المنفرد .

4348 - وحجتهم في ذلك حديث ابن عمر هذا المذكور في هذا الباب ، وفيه أن [ ص: 112 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد " ، وما كان مثله .

4349 - وممن روى عن النبي - عليه السلام - أنه كان يقول : سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد ، كما روى ابن عمر - أبو هريرة من حديث ابن شهاب ، عن أبي بكر ، عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وعن أبي سلمة ، عن أبي هريرة . ومن حديث أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة .

4350 - ورواه أبو سعيد الخدري ، وعبد الله بن أبي أوفى ، كلهم عن النبي - عليه السلام - أنه كان يقول : " سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد " .

[ ص: 113 ] 4351 - وكان أبو هريرة يفتي به ، ويعمل ; روى ابن عيينة ، عن أيوب السختياني ، عن عبد الرحمن الأعرج قال : سمعت أبا هريرة - يؤم الناس - إذا قال : سمع الله لمن حمده قال : ربنا ولك الحمد .

4352 - وأما المأموم فقال مالك ، وأبو حنيفة ، وأصحابهما ، والثوري : لا يقول المأموم : سمع الله لمن حمده ، وإنما يقول : ربنا ولك الحمد ، فقط .

4353 - وقال الشافعي : يقول المأموم : سمع الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد ، كما يقول الإمام والمنفرد ; تأسيا بفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقتداء بفعل إمامه .

4354 - وفي حديث ابن شهاب عن أنس حجة لمالك في المأموم والإمام . وسيأتي في موضعه ، إن شاء الله .

4355 - ولم يذكر مالك في هذا الباب - وهو باب افتتاح الصلاة - شيئا من الذكر للاستفتاح غير التكبير . ومذهبه التكبير والقراءة متصلة به ، ليس بينهما تعوذ ، ولا ذكر بتوجيه ، ولا غيره . ونبين ذلك فيما بعد ، إن شاء الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية