الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1396 1359 - مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ; أنه قال : خرج عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب في جيش إلى العراق ، فلما قفلا مرا على أبي موسى الأشعري ، وهو أمير البصرة ، فرحب بهما وسهل ، ثم قال : لو أقدر لكما على أمر أنفعكما به لفعلت ، ثم قال : بلى ، هاهنا مال من مال الله أريد أن أبعث به إلى أمير المؤمنين ، فأسلفكماه ، فتبتاعان به متاعا من متاع العراق ، ثم تبيعانه بالمدينة ، فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين ويكون الربح لكما ، فقالا : وددنا ذلك ففعل ، وكتب إلى عمر بن الخطاب ، أن يأخذ منهم المال ، فلما قدما باعا فأربحا ، فلما دفعا ذلك إلى عمر ، قال : أكل الجيش أسلفه مثل ما أسلفكما ؟ قالا : لا فقال عمر بن الخطاب : ابنا أمير المؤمنين فأسلفكما ، أديا المال وربحه ، فأما عبد الله ، فسكت ، وأما عبيد الله ، فقال : ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين هذا ، لو نقص هذا المال أو هلك لضمناه ، فقال عمر : أدياه ، فسكت عبد الله ، وراجعه عبيد الله ، فقال رجل من جلساء عمر : يا أمير المؤمنين ، لو جعلته قراضا ، فقال عمر : قد جعلته قراضا ، فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه ، وأخذ عبد الله وعبيد الله ، ابنا عمر بن الخطاب ، نصف ربح المال .


[ ص: 121 ] 30710 - قال أبو عمر : هذا اجتهاد من عمر - رضي الله عنه - لأنهما ابناه ، وحاباهما أبو موسى الأشعري بما أعطاهما ، فاجتهد للمسلمين في ذلك واحتاط عليهم كما فعل بعماله إذا شاطرهم أموالهم احتياطا لعامة المسلمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية