الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 131 ] ( 3 ) باب ما لا يجوز في القراض 1362 - قال مالك : إذا كان لرجل على رجل دين ، فسأله أن يقره [ ص: 132 ] عنده قراضا ; إن ذلك يكره حتى يقبض ماله ، ثم يقارضه بعد ، أو يمسك ، وإنما ذلك مخافة أن يكون أعسر بماله ، فهو يريد أن يؤخر ذلك ، على أن يزيده فيه .


30762 - قال أبو عمر : قد بين مالك العلة عنده في كراهة ما كره من القراض بدين على العامل .

30763 - وكذلك لا يجوز أن يقول الرجل للرجل : اقبض مالي على زيد من الدين ، واعمل به قراضا ، وهو عنده قراض فاسد ; لأنه ازداد عليه فيما كلفه من قبضه .

30764 - وقال الشافعي : لا يجوز أن يقول لغريمه : اعمل بمالي عليك من المال قراضا ; لأن ما في الذمة لا يعود أمانة حتى يقبض الدين ، ثم يصرفه على وجه الأمانة ، ولا يبرأ الغريم بما عليه إلا بإبرائه ، أو القبض منه ، أو الهبة له .

30765 - وقول أبي حنيفة في ذلك نحو قول الشافعي .

30766 - واختلفوا في أن عمل الذي عليه الدين بما عليه قراضا بعد اتفاقهم أنه لا يصلح القراض في ذلك .

[ ص: 133 ] 30767 - فقال الشافعي : ما اشترى وباع ، فهو للعامل المديان له ربحه وخسارته .

30768 - وهو قول أبي حنيفة ، ومالك ، وابن القاسم .

30769 - ولصاحب الدين دينه على ما كان .

30770 - وقال أبو يوسف ، ومحمد : ما اشترى ، وباع ، فهو للآمر رب الدين وللغريم المضارب أجره .

30771 - وهو قول أشهب .

30772 - وأصل أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد في المدين يأمره رب الدين أن يشتري له فيه شيئا بعينه أنه يبرأ من دينه إذا اشتراه له ، وإن أمره أن يشتري له شيئا بغير عينه إنه لا يبرأ حتى يقبض الآمر الشيء المشترى .

30773 - وأجاز الشافعي والكوفي ، إذا قال له اقبض مالي على فلان ، واعمل به قراضا أن يكون له قراضا إذا قبضه ; لأنه لم يجعل له قبض المال شرطا في المضاربة ، وإنما وكله بقبضه ، فإذا حصل بيده كان مضاربة .

[ ص: 134 ] 30774 - واختلف قول ابن القاسم ، وأشهب في الذي له الوديعة يقول للذي هي عنده : اعمل به قراضا ، فكرهه ابن القاسم ، ولم يجزه .

30775 - وكرهه أشهب ، وأجازه إذا وقع .

30776 - وقال ابن المواز : لا بأس به .

30777 - وهو قول سائر الفقهاء ; لأنها أمانة كلها .

التالي السابق


الخدمات العلمية