الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 176 ] ( 12 ) باب البضاعة في القراض

1372 - قال مالك : في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا ، واستسلف من صاحب المال سلفا ، أو استسلف منه صاحب المال سلفا ، أو أبضع معه صاحب المال بضاعة يبيعها له ، أو بدنانير يشتري له بها سلعة . قال مالك : إن كان صاحب المال إنما أبضع معه ، وهو يعلم أنه لو لم يكن [ ص: 177 ] ماله عنده ، ثم سأله مثل ذلك فعله ، لإخاء بينهما ، أو ليسارة مؤونة ذلك عليه ، ولو أبى ذلك عليه لم ينزع ماله منه ، أو كان العامل إنما استسلف من صاحب المال ، أو حمل له بضاعته ، وهو يعلم أنه لو لم يكن عنده ماله فعل له مثل ذلك ، ولو أبى ذلك عليه لم يردد عليه ماله ، فإذا صح ذلك منهما جميعا ، وكان ذلك منهما على وجه المعروف ، ولم يكن شرطا في أصل القراض ، فذلك جائز لا بأس به ، وإن دخل ذلك شرط ، أو خيف أن يكون صنع ذلك العامل لصاحب المال ، لأن يمسك العامل ماله ، ولا يرده عليه ، فإن ذلك لا يجوز في القراض . وهو مما ينهى عنه أهل العلم .


30946 - قال أبو عمر : ما قاله مالك - رحمه الله - في هذا الباب صحيح واضح ; لأن الأصل المجتمع عليه في القراض أن تكون حصة العامل في الربح معلومة ، وكذلك حصة رب المال من الربح لا تكون أيضا إلا معلومة ، فإذا شرط أحدهما على صاحبه بضاعة يحملها له ويعمل فيها ، فقد ازداد على الحصة المعلومة ما تعود به مجهولة ; لأن العمل في البضاعة له أجرة يستحقها العامل ، فيها قد ازدادها عليه رب المال ، والسلف من كل واحد هو في هذا المعنى إذا كان شيء من ذلك مشترطا في أصل عقد القراض ، وأما إن تطوع منهما متطوع فلا بأس إذا [ ص: 178 ] سلم عقد القراض من الفساد .

30947 - هذا وجه الفقه في هذه المسألة ، وما عداه فاستحباب ، وورع ، وترك مباح خوف مواقعة المحذور ، والله أعلم .

30948 - وهذا المعنى هو قياس قول الشافعي أيضا ، والكوفي ، وسائر أهل العلم ، إن شاء الله .

30949 - وللتابعين فيه كراهية وإجازة .

30950 - ذكر عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، قال : لا بأس أن يدفع الرجل مالا مضاربة على أن يحمل له بضاعة .

30951 - وعن معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه أنه كرهه .

30952 - وعن الثوري ، وعن مغيرة ، عن إبراهيم أنه كره أن يدفع إليه ألفا مضاربة ، وألفا قراضا ، وألفا بضاعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية