الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
31319 - قال مالك : من وهب شقصا في دار ، أو أرض مشتركة ، فأثابه الموهوب له بها نقدا أو عرضا ، فإن الشركاء يأخذونها بالشفعة إن شاؤوا ، ويدفعون إلى الموهوب له قيمة مثوبته ، دنانير أو دراهم .

31320 - قال مالك : من وهب هبة في دار أو أرض مشتركة ، فلم يثب منها ، ولم يطلبها ، فأراد شريكه أن يأخذها بقيمتها ، فليس ذلك له ، ما لم يثب عليها ، فإن أثيب ، فهو للشفيع بقيمة الثواب .


31321 - قال أبو عمر : قد كان مالك في صدر عمره يرى في الهبة الشفعة ، وإن كانت لغير ثواب ; لأنه انتقال ملك ، ثم رجع عن ذلك ولم ير الهبة لغير ثواب شفعة .

31322 - ذكر ذلك عنه ابن عبد الحكم .

31323 - وأما الهبة للثواب ، فهي عنده كالبيع وفيها الشفعة ، لم يختلف قوله في ذلك ، ولا قول أصحابه ، إلا أنهم اختلفوا فيه لو أن الموهوب له أثاب [ ص: 272 ] الواهب بأكثر من قيمة الشقص الموهوب .

31324 - فقال ابن القاسم : لا يأخذه إلا بقيمة الثواب كله ، قال : ولهذا يهب الناس من الهبات ، ولم يذكر قوتا ، بل قال ذلك مجملا .

31325 - وقال أشهب : إذا أتى به أكثر من قيمته قبل أن يدخل الهبة قولان : فليس للشفيع أن يأخذه إلا بجميع الثواب أو شركه .

31326 - وأما الشافعي فالهبة للثواب عنده باطل مردودة ; لأنها عنده من باب البيع بثمن مجهول ، وسيأتي ذلك في باب الهبات ، إن شاء الله .

31327 - قال : ولا شفعة للشافعي في الهبة ; للثواب لأنه مردود من فعل من فعله .

31328 - وأما الكوفيون : فيجيزون الهبة للثواب ، ويضمنونها اتباعا لعمر بن الخطاب وسنذكر ذلك في موضعه - إن شاء الله عز وجل .

31329 - ولكنهم لا يرون الهبة للثواب شفعة ; لأنها عندهم هبة ليست ببيع .

31330 - وكذلك لا شفعة عندهم في صداق ولا أجرة ولا جعل ولا خلع ولا في شيء صولح عليه من دم عمد .

التالي السابق


الخدمات العلمية