الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
31339 - قال مالك : لا تقطع شفعة الغائب غيبته ، وإن طالت [ ص: 275 ] غيبته ، وليس ذلك عندنا حد تقطع إليه الشفعة .


31340 - قال يحيى : قلت لابن القاسم : هل ترى الإسكندرية - يعني من مصر - غيبة ، وهو يبلغه أن صاحبه قد باع ، فيقيم على ذلك المشتري سنين ، العشرة ونحوها ، ثم يأتي بعد ذلك يطلب الشفعة ؟ .

31341 - فقال ابن القاسم : هذه غيبة لا تقطع على المشتري شفعته ، وإن بلغه ذلك ، فنرى السلطان أن يكتب إلى قاضي البلد الذي هو به أن يوقف ، ويعلمه شريكه قد باع ، فإما أخذ ، وإما ترك .

31342 - قال ابن القاسم : لا أرى ذلك على القاضي إلا أن يطلب ذلك المبتاع ، فيكتب له القاضي الذي بمكانه إلى قاضي البلد بما ثبت عنده من اشترائه ، وما يطلب من قطع الشفعة عنه ، فيوقفه ، فإما أخذ ، وإما ترك ، فإن ترك ، فلا شفعة له .

[ ص: 276 ] 31343 - قال : قلت لابن القاسم ; فما ترى القرب الذي يقطع الشفعة ؟ قال : ما وقت لنا مالك فيه شيئا ، قد تكون المرأة الضعيفة ، والرجل الضعيف على البريد ، فلا يستطيع أن ينهض ، ولا يسافر ، فلم يحد لنا حدا ، وإنما فيه اجتهاد للسلطان على أفضل ما يرى .

31344 - قال أبو عمر : أما شفعة الغائب ، فإن أهل العلم مجمعون على أنه إذا لم يعلم ببيع الحصة التي هو فيها شريك من الدور ، والأرضين ، ثم قدم ، فعلم ، فله الشفعة مع طول مدة غيبته .

31345 - واختلفوا إذا علم في حال الغيبة :

31346 - فقال منهم قائلون : لم يشهد حين علم أنه أخذ بالشفعة متى قدم ، فلا شفعة له ; لأنه تارك لها .

31347 - وقال آخرون : هو على شفعته أبدا ، حتى يقدم ، ولم يذكروا إشهادا .

31348 - وأما القول في أمد شفعة الحاضر العاجل ، فيأتي في آخر كتاب الشفعة ، حيث رسمه مالك إن شاء الله - عز وجل - .

31349 - وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث جابر ، وقد ذكرنا فيما تقدم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " الجار أحق بسقبه " أو قال : " بشفعته ، ينتظر بها إذا كان غائبا " .

[ ص: 277 ] 31350 - روى عبد الرزاق ، وغيره عن الثوري ، عن سليمان الشيباني ، عن حميد الأزرق ، قال : قضى عمر بن عبد العزيز بالشفعة بعد أربع عشرة سنة ، يعني للغائب .

التالي السابق


الخدمات العلمية