الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1423 [ ص: 291 ] ( 2 ) باب ما لا تقع فيه الشفعة

1387 - مالك ، عن محمد بن عمارة ، عن أبي بكر بن حزم ; أن [ ص: 292 ] عثمان بن عفان قال : إذا وقعت الحدود في الأرض فلا شفعة فيها ، ولا [ ص: 293 ] [ ص: 294 ] شفعة في بئر ولا في فحل النخل . قال مالك : وعلى هذا ، الأمر عندنا .

31421 - قال مالك : ولا شفعة في طريق صلح القسم فيها أو لم يصلح .

31422 - قال مالك : والأمر عندنا أنه لا شفعة في عرصة دار صلح القسم فيها أو لم يصلح .


31423 - قال أبو عمر : أما قول عثمان : إذا وقعت الحدود في الأرض ، فلا شفعة فيها ، فإنه ينفي الشفعة في ذلك للجار .

31424 - وقد تقدم القول في ذلك عند حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : " الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود في الأرض ، فلا شفعة ، ولا وجه لتكرار ما تقدم .

31425 - وأما قوله : ولا شفعة في بئر ، ولا في فحل نخل ، فذكر ابن [ ص: 295 ] عبد الحكم عن مالك ، قال : الحديث الذي جاء : لا شفعة في بئر ، إنما ذلك في بئر الأعراب .

31426 - فأما بئر الزرع ، والنخل ، ففي ذلك الشفعة إذا كان النخل لم يقسم ، فإن قسم الحائط وترك البئر ، فلا شفعة فيها .

31427 - وكذلك إذا قسمت بيوت الدار ، وكذلك إذا قسم الحائط وترك الفحل والفحلان للإبار وأكل الطلع ، إنه لا شفعة فيها .

31428 - وكذلك إذا قسمت بيوت الدار ، وتركت العرصة للارتفاق ، فباع أحد الشركاء نصيبه فيها ، فلا شفعة في ذلك .

31249 - قال أبو عمر : يريد بقوله " بئر الأعراب " : البئر التي في موات الأرض لسقي الماشية .

31430 - والمسقاة ليست بئرا يسقى بها شيء من الأرض ، والشجر .

31431 - وذكار الشجر حكمه عند مالك وأصحابه كحكم النخل .

31432 - وحكم العين عندهم كحكم البئر عندهم سواء ، إن كان لها بياض ، [ ص: 296 ] وزرع ونخل ، وبيع ذلك كله بيعا فيه شفعة دخلت العين في ذلك والبئر ، فإذا انفردت العين ، أو البئر بين الشركاء ، فلا شفعة فيها إذا باع أحدهم نصيبه منها .

31433 - وكذلك حكم الطرق ، والمرافق المتروكة للارتفاق ، لا شفعة فيها إلا أن تكون بيعا لما فيه شفعة من الأرض وتجمعها صفقة .

31434 - وأما الشافعي ، فإنه قال : لا شفعة في بئر ، لا بياض لها وكذلك إذا كان لها بياض ، ولا تحتمل القسمة .

31435 - ولا شفعة عنده إلا فيما تحتمله القسمة ، وتضرب فيه الحدود .

31436 - ولا شفعة عنده في طريق وإنما العرصة إذا احتملت القسمة ، وبيع منها شيء ، ففيه الشفعة عنده خلاف قول مالك .

31436 م - وسواء تركت للارتفاق أو لم تترك ، وإنما أصله أن كل ما كان من الأرضين يحتمل القسمة ، وضرب الحدود ، وكان مشاعا ، ففيه الشفعة .

31437 - وأما الكوفيون ، فالقياس على أصولهم ألا شفعة في بئر ، ولا فحل نخل .

[ ص: 297 ] 31438 - وأما العرصة فقياسهم أن فيها الشفعة ; لأنها من الأرض المحتملة للقسمة .

31439 - واختلف أصحاب مالك في النخلة المطعمة تكون بين الشريكين ، يبيع أحدهما حصته منها .

31440 - فذكر ابن القاسم ، عن مالك في " المدونة " أنه لا شفعة فيها .

31441 - قال أبو عمر : قاسها على فحل النخل ، والله أعلم .

31442 - وقال أشهب ، وعبد الله بن الماجشون ، وأصبغ بن الفرج ، ومحمد بن عبد الحكم : فيها الشفعة ، ذكرا كان أو أنثى .

31443 - قال أبو عمر : حجتهم في إيجاب الشفعة أن النخلة عندهم من جنس ما فيه الشفعة .

31444 - ولم يختلفوا في الحائط المثمر من الشجر ، وإن لم يكن فيه موضع لزراعة ، وكان مشاعا ، أن الشفعة فيما بيع منه .

31445 - وحكم النخلة الواحدة عندهم كحكم الحائط كله .

31446 - واختلفوا في هذا الباب في أشياء منها : الرحا .

[ ص: 298 ] 31447 - ففي " المدونة " قال ابن القاسم : الشفعة في الأرض ، ولا شفعة في الرحا ، كما أن بيعت منفردة دون شيء من الأرض لم تكن فيها شفعة .

31448 - وروى أبو زيد ، عن ابن القاسم مثل ذلك ، وقال : يقضي الثمن على الأرض والرحى ، وذكر أنه كالشقص يباع مع عبد .

31449 - وقال أشهب : للشريك الشفعة في جميع ذلك ، وقال : ألا ترى أن الشفعة تكون في رقيق الحائط ، فكيف بالرحى مع الأرض ؟ .

31450 - وبقول أشهب قال سحنون .

31451 - واختلفوا من ذلك في الأندر إذا باع أحد الشركاء نصيبه منه :

31452 - فذكر العتبي عن عبد الملك بن الحسن ، عن أشهب ، وابن وهب أن فيه الشفعة ، وهو كغيره من الأرضين .

31453 - وقال أشهب : لا شفعة في الأندر ، وكذلك الأقبية ، لا شفعة فيها إذا بيعت ، قال : والأندر عندي مثل الأقبية .

31454 - واختلفوا من ذلك أيضا في الحمام :

31455 - فقال مالك : فيه الشفعة .

[ ص: 299 ] 31456 - وقال ابن القاسم : لا شفعة فيه .

31457 - وقال إسماعيل بن إسحاق : روى ابن القاسم ، وابن أبي أويس ، عن مالك ; أن فيه الشفعة .

31458 - قال : وذكر أحمد بن المعذل عن عبد الملك ، عن مالك أنه لا شفعة فيه .

31459 - قال عبد الملك : وأنا أرى فيه الشفعة .

31460 - قال إسماعيل : وروى ابن القاسم أن الحمام يقسم .

31461 - قال أبو عمر : كان أحمد بن خالد ، ومحمد بن عمرو بن لبانة يفتيان في الشفعة للحمام .

31462 - واختلفوا في الثمرة تباع منفردة دون الأصل .

31463 - فقال مالك ، وابن القاسم ، وأشهب : فيها الشفعة ; لأنها تقسم بالحدود .

31464 - قال أبو عمر : على ما ذكرنا من مذاهبهم في قسمة الثمار في رءوس الأشجار .

[ ص: 300 ] 31465 - وروى أبو جعفر الدمياطي ، وعبد الملك أنهما كانا لا يريان فيها الشفعة .

31466 - واختلفوا أيضا في الشفعة في الكراء ، أو الدور ، والرباع ، والأرضين ، وفي المساقاة ، وفي الدين هل يكون المديان أحق بها ؟ .

31467 - وقد ذكرنا ذلك كله في كتاب اختلافهم .

31468 - وحديث ابن شهاب ينفي الشفعة ، ويسقطها إلا في المشاع من الأرضين ، والرباع حيث يمكن ضرب الحدود ، وتصريف الطرق ، وهذا هو الصحيح ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية