الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1449 [ ص: 163 ] 21 - باب القضاء بإلحاق الولد بأبيه

1416 - مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ; أنها قالت : كان عتبة بن أبي وقاص ، عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص ، أن ابن وليدة زمعة مني . فاقبضه إليك ، قالت : فلما كان عام الفتح أخذه سعد ، وقال : ابن أخي ، قد كان عهد إلي فيه . [ ص: 164 ] فقام إليه عبد بن زمعة فقال : أخي ، وابن وليدة أبي ، ولد على فراشه ، فتساوقا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال سعد : يا رسول الله ، ابن أخي ، قد كان عهد إلي فيه ، وقال عبد بن زمعة : أخي ، وابن وليدة أبي . ولد على فراشه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هو لك يا عبد بن زمعة ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الولد للفراش . وللعاهر الحجر ثم قال لسودة بنت زمعة احتجبي منه لما رأى من شبهه بعتبة بن أبي وقاص ، قالت : فما رآها حتى لقي الله عز وجل .


[ ص: 165 ] 32251 - قال أبو عمر : لم يختلف على مالك ، ولا على ابن شهاب في هذا الحديث ، إلا أن بعض أصحاب ابن شهاب يرويه مختصرا ، لا يذكر فيه إلا قوله عليه السلام : الولد للفراش ، وللعاهر الحجر بهذا الإسناد عن عروة عن عائشة .

32252 - وعند ابن شهاب أيضا ، عن سعيد بن المسيب ، وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قوله : الولد للفراش ، وللعاهر الحجر دون قصة عبد بن زمعة ، وسعد .

[ ص: 166 ] 32253 - وكذلك رواه محمد بن زياد عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

32254 - وروي ذلك أيضا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

32255 - وقد ذكرنا ذلك كله في التمهيد .

32256 - وهو أثبت ما يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أخبار الآحاد العدول وأصحها ، قوله - صلى الله عليه وسلم - : الولد للفراش ، وللعاهر الحجر ، وهو ما تلقته الأمة بالقبول ، ولم يختلفوا إلا في شيء من معناه ، نذكره في آخر هذا الباب إن شاء الله عز وجل .

[ ص: 167 ] 32257 - وأما قصة عبد بن زمعة ، وسعد بن أبي وقاص ، فقد أشكل معناها على أكثر الفقهاء ، وتأولوا فيها تأويلات ، فخرج جوابها عن الأصول المجتمع عليها .

32258 - فمن ذلك أن الأمة مجتمعة على أن أحدا لا يدعي عن أحد دعوى إلا بتوكيل من المدعي ، ولم يذكر في هذا الحديث توكيل عتبة لأخيه سعد على ما ادعاه عنه ، بأكثر من دعوى سعد لذلك ، وهو غير مقبول عند الجميع .

32259 - وأما دعوى عتبة للولد من الزنا ، فإنما ذكره سعد ; لأنه كان في علمهم في الجاهلية ، وحكمهم دعوى الولد من الزنا ، فتكلم سعد بذلك ; لأنهم كانوا على جاهليتهم حتى يؤمروا ، أو ينهوا ، ويبين بهم حكم الله فيما تنازعوا فيه ، وفيما يراد منه التعبد به ، فكانت دعوى سعد سبب البيان من الله - عز وجل - على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - في أن العاهر لا يلحق به في الإسلام ولد يدعيه من الزنا ، وأن الولد للفراش على كل حال .

[ ص: 168 ] 32260 - والفراش النكاح ، أو ملك اليمين ، لا غير ، فإن لم يكن فراش ، وادعى أحد ولدا من زنى ، فقد كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يليط أولاد الجاهلية بما استلاطهم ، ويلحقهم بمن استلحقهم إذا لم يكن هناك فراش ; لأن أكثر أهل الجاهلية كانوا كذلك .

32261 - وأما اليوم في الإسلام بعد أن أحكم الله شريعته ، وأكمل دينه ، فلا يلحق ولد من زنى بمدعيه أبدا عند أحد من العلماء ، كان هناك فراش ، أو لم يكن .

32262 - حدثني عبد الوارث ، قال : حدثني قاسم ، قال : حدثنا الخشني ، قال : حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، قال : حدثنا حسين المعلم ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : لما فتحت مكة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام رجل فقال : إن فلانا ابني ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا دعوة في الإسلام ، ذهب أمر الجاهلية ، الولد للفراش ، وللعاهر الأثلب قالوا : وما الأثلب ؟ قال : الحجر .

32263 - قال أبو عمر : أجمع العلماء - لا خلاف بينهم فيما علمته - أنه لا يلحق بأحد ولد يستلحقه إلا من نكاح أو ملك يمين ، فإذا كان نكاح ، أو ملك فالولد لاحق بصاحب الفراش على كل حال .

32264 - والفراش في الحرة عقد النكاح عليها مع إمكان الوطء عند الأكثر .

[ ص: 169 ] 32265 - والفراش في الأمة عند الحجازيين إقرار سيدها بأنه كان يلم بها ، وعند الكوفيين إقراره بالولد ، وسنبين ذلك في موضعه - إن شاء الله - عز وجل ، فلا ينتفي ولد الحرة إذ جاءت به لستة أشهر من يوم عقد النكاح إلا بلعان ، وحكم اللعان في ذلك ما قد ذكرناه ، والحمد لله كثيرا .

32266 - وهذه الجملة كلها من حكم الله ورسوله مما نقلته الكافة ، ولم يختلفوا فيه إلا فيما وصفت .

32267 - ومن ذلك أيضا مما هو خلاف الأصول المجتمع عليها - ادعاء عبد بن زمعة على أبيه ولدا بقوله : أخي ، وابن وليدة أبي ، ولد على فراشه ، ولم يأت ببينة ، تشهد على أبيه بإقراره بذلك ، وفي الأصول المجتمع عليها أنه لا تقبل دعواه على أبيه ، ولا دعوى أحد على غيره ، قال الله عز وجل : ولا تكسب كل نفس إلا عليها [ الأنعام : 164 ] .

32268 - وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : يا عبد بن زمعة فقد اختلف العلماء في معناه على ما نورده بعون الله تعالى .

32269 - فقالت طائفة منهم : إنما قال له : هو لك ، أي هو أخوك ، كما ادعيت ، قضى في ذلك بعلمه ; لأن زمعة بن قيس كان صهره ، وسودة بنت زمعة كانت زوجته - صلى الله عليه وسلم - ، فيمكن أن يكون علم أن تلك الأمة كان يمسها زمعة سيدها ، فصارت فراشا له بذلك ، فألحق ولدها به ; لما قد علمه من فراش زمعة ، إلا أنه قضى به ; لاستلحاق عبد بن زمعة له .

32270 - وقد مضى ما للعلماء في قضاء القاضي بعلمه في صدر هذا الكتاب .

[ ص: 170 ] 32271 - ومن قال بهذا لم يجز عنده أن يستلحق الأخ بحال من الأحوال .

32272 - وكان مالك يقول : لا يستلحق أحد غير الأب ، ولا يقضي القاضي بعلمه .

32273 - والكوفيون يقولون : يقضي القاضي بعلمه على اختلافهم فيما علمه قبل ولاية القضاء ، وبعد ذلك .

32274 - وكلهم يقول : لا يستلحق الأخ بحال .

32275 - وهو أحد قولي الشافعي ، وإليه ذهب المزني ، والبويطي ، وهو قول جمهور الفقهاء ، أن الأخ لا يستلحق ، وحده كان أو مع أخ يخالفه .

32276 - وللشافعي قول آخر : أنه يقبل إقرار الوارث على الموروث بالنسب ، كما يقبل إقراره عليه بالدين إذا لم يكن له وارث غير المقر ، وهو قول إبراهيم النخعي .

32277 - وروى الربيع عنه في كتاب البويطي ، قال : يجوز إقرار الأخ بأخيه إذا كان ثم من يدفعه من الورثة ، ولا يلحق نسبه ، وإن لم يكن ثم من يدفعه لحق نسبه ، واحتج بحديث عبد بن زمعة .

32278 - قال الربيع : قال أبو يعقوب البويطي : لا يجوز ذلك عندي ، كان [ ص: 171 ] من يدفعه ثم أو لم يكن ; لأنه إنما يجوز إقرار الإنسان على نفسه ، وهذا يقر على غيره ، وإنما ألحق النبي - عليه السلام - ابن وليدة زمعة بأبيه ; لمعرفته بفراشه ، والله أعلم .

32279 - قال أبو عمر : المشهور من مذهب الشافعي أن الأخ لا يستلحق ولا يثبت بقوله نسب ، ولا يلزم المقر بأخ أن يعطيه شيئا من الميراث من جهة القضاء ; لأنه أقر له بما لم يثبت له أصله .

32280 - وسنذكر أصل هذه المسألة في الباب بعد هذا - إن شاء الله عز وجل .

32281 - وقد قال الشافعي في غير موضع من كتابه : لو قبل استلحاق غير الأب كان فيه حقوق على الأب بغير إقراره ، ولا ببينة تشهد عليه .

32282 - وقال محمد بن جرير الطبري : معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - : هو لك يا عبد بن زمعة ، أي هو عبد ملكا ; لأنه ابن وليدة أبيك ، وكل أمة تلد من غير سيدها ، فولدها عبد ، يريد أنه لما لم ينقل في الحديث اعتراف سيدها بوطئها ، ولا شهد بذلك عليه ، وكانت الأصول تدفع قبول ابنه عليه ; لم يبق إلا القضاء بأنه عبد تبع لأمه ، وأمر سودة بالاحتجاب منه ; لأنها لم تملك منه إلا شقصا .

32283 - وهذا أيضا من الطبري خلاف ظاهر الحديث ; لأن فيه أخي وابن [ ص: 172 ] وليدة أبي ، ولد على فراشه ، فلم ينكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك من قوله ، ولكنه قول خارج محتمل على الأصول .

32284 - وقال الطحاوي : وأما قوله : هو لك يا عبد بن زمعة فمعناه هو لك بيدك عليه ، لا أنك تملكه ، ولكن تمنع بيدك عليه كل من سواك منه ، كما قال في اللقطة : هي لك بيدك عليها ، تدفع غيرك عنها حتى يجيء صاحبها ، ليس على أنها ملك له ، قال : ولا يجوز أن يجعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابنا لزمعة ، ثم يأمر أخته أن تحتجب منه ، هذا محال ، لا يجوز أن يضاف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .

32285 - قال : وليس قول من قال : إن ادعاء سعد في هذا الحديث كلا دعوى بشيء ; لأن سعدا إنما ادعى شيئا كان معروفا في الجاهلية من لحوق ولد الزنا بمن ادعاه .

32286 - قال وقد كان عمر يقضي بذلك في الإسلام - إذا لم يكن فراش - فادعى سعد وصية أخيه بما كان يحكم في الجاهلية به ، فكانت دعواه لأخيه كدعوى أخيه لنفسه ، غير أن عبد بن زمعة قابله بدعوى توجب عتقا للمدعي على المدعى عليه ; لأن مدعيه كان يملك بعضه حين ادعى فيه ما ادعى ، ويعتق عليه ما كان [ ص: 173 ] يملك منه ، فكان ذلك هو الذي أبطل دعوى سعد ، ولما كان لعبد بن زمعة شريك فيما ادعاه ، وهي أخته سودة ، ولم يعلم منها في ذلك التصديق لمقالته ألزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد بن زمعة ما أقر به في نفسه ، ولم يجعل ذلك حجة على أخته إذ لم تصدقه ، ولم تجعله أخاها ، وأمرها بالحجاب منه .

32287 - قال أبو عمر : قول الطحاوي حسن كله إلا قوله ; فكانت دعوى سعد لأخيه كدعوى أخيه لنفسه ، هذا ليس بشيء ; لأنه لم يظهر في ذلك ما يصدق دعواه على أخيه ، ولم ينقل في الحديث ما يدل عليه .

32288 - وقال المزني : فيحتمل تأويل هذا الحديث عندي - والله أعلم - أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أجاب فيه على المسألة ، فأعلمهم بالحكم أنه هكذا يكون إذا ادعى صاحب فراش وصاحب زنى إلا أنه قبل على عتبة قول أخيه سعد ، ولا على قول زمعة قول ابنه عبد بن زمعة ، إن أباه أولدها الولد ; لأن كل واحد منهما أخبر عن غيره .

32289 - وقد أجمع المسلمون أنه لا يقبل إقرار أحد على غيره ، وفي ذلك عندي دليل على أنه حكم خرج على المسألة ليعرفهم كيف الحكم في مثلها إذا نزل ، ولذلك قال لسودة : احتجبي منه ; لأنه حكم على المسألة .

32290 - وقد حكى الله - عز وجل - في كتابه العزيز مثل ذلك في قصة داود : دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض [ ص : 22 ] ولم يكونا خصمين ، ولا كان لكل واحد منهما تسع وتسعون نعجة ، [ ص: 174 ] ولكنهم كلموه على المسألة ; ليعرف بها ما أرادوا ، فيحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم في هذه القصة على المسألة ، وإن لم يكن أحد يؤنسني على هذا التأويل ، وكان عندي ، فهو صحيح ، والله أعلم .

32291 - قال المزني : لم تصح دعوى سعد على أخيه ، ولا دعوة عبد بن زمعة على أبيه ، ولا أقرت سودة أنه ابن أبيها ، فيكون أخاها منعه من رؤيتها ، وأمرها بالاحتجاب منه ، ولو ثبت أنه أخوها ما أمرها أن تحتجب منه ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - بعث بصلة الأرحام ، وقد قال لعائشة في عمها من الرضاعة : إنه عمك ، فليلج عليك .

32292 - ويستحيل أن يأمر زوجته أن لا تحتجب من عمها من الرضاعة ، ويأمر زوجة له أخرى أن تحتجب من أخيها لأبيها .

32293 - قال : ويحتمل أن تكون سودة جهلت ما علمه أخوها عبد بن زمعة فسكتت .

32294 - قال المزني : فلما لم يصح أنه أخ لعدم البينة بذلك ، أو الإقرار ممن يلزمه إقراره زاده بعدا في القلوب شبهه بعتبة ، أمرها بالاحتجاب منه ، فكان جوابه - صلى الله عليه وسلم - على السؤال ، لا عن تحقيق زنى عتبة بقول أخيه ، ولا بالولد ، إنه لزمعة بقول أبيه ، بل قال : الولد للفراش على قولك يا عبد بن زمعة ، لا على ما قال سعد ثم [ ص: 175 ] أخبرنا بالذي يكون إذا ثبت مثل هذا .

32295 - قال أبو عمر : قول المزني هذا أصح في النظر ، وأثبت في حكم الأصول من قول سائر أصحاب الشافعي القائلين إنه يجوز للرجل أن يمنع امرأته من رؤية أخيها .

32296 - وذهبوا إلى أنه أخوها على كل حال ; لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالولد للفراش ، وألحق ابن أمة زمعة بفراش زمعة ، قالوا : وما حكم به ، فهو الحق لا شك فيه .

32297 - وكذلك قوله : احتجبي منه حكم آخر يجوز به أن يمنع الرجل زوجته من رؤية أخيها .

32298 - وقال الكوفيون : في قوله : احتجبي منه يا سودة دليل على أنه جعل للزنا حكما ، فحرم به رؤية ذلك المستلحق لأخته سودة ، وقال لها : احتجبي منه ; لما رأى من شبهه بعتبة ، فمنعها من أخيها في الحكم ; لأنه ليس بأخيها في غير الحكم ; لأنه من زنى في الباطن إذ كان شبيها بعتبة ، فجعلوه كأنه أجنبي لا يراها بحكم الزنا ، وجعلوه أخاها بالفراش ، وزعموا أن ما حرمه الحلال فالزنا أشد تحريما له .

32299 - قال أبو عمر : قول من قال جعله أخاها في الحكم ، ولم يجعله أخاها في غير الحكم قول فاسد ، لا يعقل ، وتخليط لا يصلح ، ولا يعقل ولا [ ص: 176 ] يفهم ، ولا يصح عنده أدنى تأمل ; لأن المراد المبتغى هو حكم الله عز وجل على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيما حكم به فهو الحق ، وخلافه باطل ، ولا يجوز أن يضاف إليه أنه حكم بشيء وضده في أمر واحد ، فيجعله أخاها من وجه ، وغير أخيها من وجه .

32300 - هذا لا يعقل ، ولا تحل إضافته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكيف يحكم لشبهه عتبة بحكم باطل وسنته في الملاعنة أنها جاءت بالولد على النعت الذي رميت به ، ولم يلتفت إلى ذلك ، وأمضى حكم الله فيه .

32301 - وقد حكى المزني ، عن الشافعي أن رؤية ابن زمعة لسودة مباح في الحكم ، ولكنه كرهه للشبهة ، وأمرها بالتنزه عنه ، اختيارا .

32302 - وهذا أيضا وجه محتمل ، وما قدمناه أصح ; لأن سودة لم تعرفه ، ولم تقل إنه أخوها ، ولم يلزمها إقرار أخيها .

32303 - وقد مضى في ذلك ما فيه كفاية وبيان ، والحمد لله كثيرا .

32304 - حدثني عبد الوارث ، قال : حدثني قاسم ، قال : حدثني الخشني ، قال : حدثني ابن أبي عمر ، قال : حدثنا سفيان ، عن يعقوب بن عطاء ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : من زنا بامرأة حرة ، أو بأمة قوم ، فالولد ولد الزنا ، لا يرث ، ولا يورث ، الولد للفراش ، وللعاهر الحجر .

[ ص: 177 ] 32305 - قال سفيان : قال ابن أبي نجيح : قال : أول حكم بدل في الإسلام استلحاق معاوية زيادا .

32306 - وروى شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن سعيد بن المسيب ، قال : أول قضاء علمته من قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رد دعوة زياد .

32307 - قال أبو عمر : يعني - والله أعلم - قوله : والولد للفراش ، وللعاهر الحجر وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - إيجاب الرجم على الزاني إذا كان محصنا دون البكر .

32308 - وهذا إجماع من المسلمين أن البكر لا رجم عليه في ذلك .

32309 - وقد قيل إن قوله عليه السلام : والولد للفراش ، وللعاهر الحجر ، أي أن الزاني لا شيء له في الولد إذا ادعاه على حال من الأحوال ، كقولهم : بفيك الحجر ، أي لا شيء لك مما قلت ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية