الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
33604 - قال مالك في العبد يكون بعضه حرا وبعضه مسترقا : إنه يوقف ماله بيده ، وليس له أن يحدث فيه شيئا ، ولكنه يأكل فيه ويكتسي بالمعروف ، فإذا هلك ، فماله للذي بقي له فيه الرق .


33605 - قال أبو عمر : يكون العبد نصفه حرا ، ونصفه مملوكا من وجوه :

[ ص: 94 ] منها : أن يكون بين شريكين وارثين ، أو مبتاعين ، أو بوجه يصح ملكهما له أحدهما معسر ، والآخر موسر ، فيعتق المعسر حصته منه ، فإذا كان ذلك كان على وجه الحجازيين ما أعتق منه المعسر حرا وسائره عبدا .

33606 - ويكون عند أبي حنيفة عبدا أعتق سيده نصفه ، أو يكون عبدا أوصى بعتق نصفه عند من لا يرى أن يتم عليه العتق في ثلثه ، ووجوه غير هذه .

33607 - وأما قوله : إنه يوقف ماله بيده ، فإنه يريد نصف ما كان بيده من المال قبل وقوع عتقه ، وما يكسبه في الأيام التي يعمل فيها لنفسه .

33608 - قال مالك : يصطلح هو ومالك نصفه على الأيام .

33609 - وقال غيره : يخدم لنفسه ، ويكسب لها يوما ، ويكون لسيده خدمته يوما مما كسب في يوم الحرية فله ، وعليه في ذلك مؤنته كلها ، وفي يوم خدمته لسيده مؤنته على سيده .

33610 - فهذه حاله عند جمهور العلماء .

33611 - فإذا مات ، فقد اختلفوا في ميراثه ، فقال بعض أهل العلم كما قال مالك : ميراثه لمن فيه الرق ; لأنه في شهادته وحدوده ، وطلاقه عندهم كالعبد .

33612 - هذا قول مالك ، والزهري ، وأحد قولي الشافعي .

33613 - وقال آخرون : ميراثه بين سيد نصفه ، وبين من كان يرثه لو كان حرا كله نصفين .

[ ص: 95 ] 33614 - روي هذا عن عطاء ، وعمرو بن دينار وطاوس ، وإياس بن معاوية .

33615 - وهو أحد قولي الشافعي ، وبه قال أحمد بن حنبل ، غلبوا الحرية هنا لانقطاع الرق بالموت .

33616 - وقالت طائقة منهم الشافعي : يورث المعتق نصفه ويرث .

33617 - وقد روي عنه أنه لا يرث ، ولا يورث .

33618 - وهو قول مالك ، والكوفيين .

33619 - وقال بعض التابعين : إن مات المعتق بعضه ورثه كله الذي أعتق بعضه .

33620 - وروي عن الشعبي في حرة رواية شاذة أنه يحد خمسة وسبعين سوطا .

التالي السابق


الخدمات العلمية