الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 102 ] ( 9 ) باب ما جاء فيما أفسد العبيد أو جرحوا

1474 - قال مالك : السنة عندنا في جناية العبيد ; أن كل ما أصاب العبد من جرح جرح به إنسانا ، أو شيء اختلسه ، أو حريسة احترسها ، أو ثمر معلق جذه أو أفسده أو سرقة سرقها لا قطع عليه فيها ، إن ذلك في رقبة العبد ، لا يعدو ذلك الرقبة قل أو كثر ، فإن شاء سيده أن يعطي قيمة ما أخذ غلامه ، أو أفسد ، أو عقل ما جرح ، أعطاه ، وأمسك غلامه ، وإن شاء أن يسلمه ، أسلمه ، وليس عليه شيء غير ذلك ، فسيده في ذلك بالخيار .


33656 - قال أبو عمر : اختلاف الفقهاء في هذا الباب متقارب المعنى ، كلهم يرى جناية العبد في رقبته ، ويخير سيده في فدائه بجنايته ، وإسلامه في ذمته .

33657 - روي ذلك عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه ، وقال به جماعة علماء التابعين ، وأئمة الفتوى بأمصار المسلمين .

33658 - وحسبك بقول مالك : السنة عندنا يعني ما وصفنا .

[ ص: 103 ] 33659 - ولم يختلف مالك ، وأصحابه فيما يستهلكه العبد مما لم يؤمن عليه أنه في رقبته ، وهو قول جمهور الفقهاء .

33660 - وذكر ابن حبيب ، عن أصبغ أن ما استهلكه العبد مما اؤتمن عليه أن عليه أن يكون في ذمته .

33661 - وقال ابن الماجشون : هو في رقبته .

33662 - وروى سحنون ، عن ابن القاسم في العبد يستأجره الرجل ليبلغ بعيرا له إلى موضع ، فيذبحه ويزعم أنه خاف عليه الموت ، فقال : قال مالك ومن يعلم ذلك أراه في رقبة العبد .

33663 - وكذلك قال ابن القاسم ، وأشهب في العبد يتوسل على لسان سيده ، وينكر سيده ذلك أن ذلك في رقبته .

33664 - قال أبو عمر : إن قتل العبد عبدا ، أو حرا ، فاستحياه ولي الدم كان سيده بالخيار بين أن يفتكه بجميع دية الحر ، أو قيمة العبد ، أو يسلمه إلى ولي الدم ، ويسترقه ، ويضرب مائة ، ويسجن عاما .

33665 - هذا كله قول مالك ، وأصحابه ، وجمهور أهل العلم .

33666 - وقال الشافعي : سيد العبد المقتول بالخيار في العبد الذي قتل عبده ; إما أن يقتل ، وأما أن تكون قيمة العبد المقتول في عنق القاتل ، فإن عفا عن القصاص بيع العبد القاتل ، فإن كان فيه فضل رد على سيد العبد القاتل ، وإن كان فيه نقصان [ ص: 104 ] فليس عليه غير ذلك .

33667 - وأما أبو حنيفة ، وأصحابه ، فذكر الطحاوي عنهم ، قال : وإذا قتل العبد رجلا خطئا قيل لمولاه : ادفعه إلى ولي الجناية ، أو افده منه بالدية ، فإن اختار فداءه بالدية كان مأخوذا بها حالة لولي المقتول ، وإن ثبت إعساره بها ، فإن أبا حنيفة كان يقول : قد زالت الجناية عن عتق العبد باختيار مولاه أياه ، وصارت دينا على مولاه في رقبة العبد الجاني .

33668 - وقال أبو يوسف : إذا لم يكن للمولى من المال مما هو واصل إليه في وقت اختياره إياه مقدار الدية كان اختياره إياه باطلا وكان حق الجناية حق ولي الجناية في رقبة العبد إذا كان قبل الاختيار ، فقال له ادفع العبد إلى ولي الجناية ، أو افده منه بالدية .

33669 - وقال محمد بن الحسن : الاختيار جائز معسرا كان المولى أو موسرا ، وتكون الدية في عنق العبد دينا لولي الجناية ، يتبعه فيها مولاه لولي الجناية .

33670 - قالوا : ولو جنى العبد على رجل ، فقتله خطئا أو استهلك الآخر مالا ، وحضرا جميعا يطلبان الواجب لهما ، فإنه يدفع إلى ولي الجناية ، ثم يتبعه الآخر فيما استهلك من غير ماله ، ولو حضر صاحب المال أولا ، ولم يحضر صاحب الجناية [ ص: 105 ] باعه له القاضي في ماله الذي استهلكه له ، فإن حضر بعد ذلك ولي الجناية ، لم يكن له شيء .

هذا آخر كتاب الأقضية عند جماعة رواة ( ( الموطأ ) ) إلا يحيى بن يحيى

التالي السابق


الخدمات العلمية