الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1485 - مالك ; أنه بلغه عن المقبري ، أنه قال : سئل أبو هريرة عن الرجل تكون عليه رقبة ، هل يعتق فيها ابن زنا ؟ فقال أبو هريرة : نعم ، ذلك يجزئ عنه

1486 - مالك ; أنه بلغه عن فضالة بن عبيد الأنصاري ، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه سئل عن الرجل تكون عليه رقبة ، هل يجوز [ ص: 174 ] له أن يعتق ولد زنا ؟ قال : نعم ، ذلك يجزئ عنه .


33999 - قال أبو عمر : على هذا جماعة أئمة الفتوى بالأمصار ، وأكثر التابعين ، وروي ذلك عن ابن عباس أيضا . 34000 - ورواه الثوري ، عن ثور ، عن عمر بن عبد الرحمن القرشي ، عن ابن عباس أنه سئل عن ولد زنا ، وولد رشدة في العتاقة ؟ فقال : انظروا أكثرهما ثمنا ، فنظروا ، فوجدوا ولد الزنا أكثرهما ثمنا ، فأمرهم به .

34001 - والثوري ، عن يونس ، عن الشعبي مثله .

34002 - وهو قول الحسن ، وقتادة ، وما خالفه ، فضرب من الشذوذ .

34003 - وإنما ذكر مالك - رحمه الله - والله أعلم في موطئه ، عن أبي هريرة أنه جاز عتق ولد الزنا إنكارا منه ; لما يرويه أهل العراق عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ( ولد الزنا شر الثلاثة ) ) .

34004 - وقال أبو هريرة : لأن أمنع بسوط في سبيل الله ، أو أحمل نعلين في سبيل الله أحب إلي من أن أعتق ولد زنية .

34005 - وقد قال القعقاع بن أبي حدرد : أنت تقول هذا ؟ فقال أبو هريرة : إني لم أقل هذا فيمن يحصن أمته ، وإنما قلت هذا في الذي يأمر أمته بالزنا .

[ ص: 175 ] 34006 - وقد أنكر ابن عباس على من روى في ولد الزنا أنه شر الثلاثة ، وقال : لو كان شر الثلاثة ما استوفى بأمه أن ترجم حتى تضعه .

34007 - ورواه ابن وهب ، عن معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، وقد ذكرناه في ( ( التمهيد ) ) بإسناده .

34008 - وروى يزيد بن هارون ، عن سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة في ولد الزنا ، قالت : ما عليه من ذنب أبويه شيء ، ثم قرأت : ولا تزر وازرة وزر أخرى [ الأنعام : 164 ، الإسراء : 15 ، فاطر : 18 ، الزمر : 7 ] .

34009 - ومذهب ابن عباس جواز عتق ولد الزنا في الرقاب الواجبة وغيرها .

34010 - وقد قال : لا يجزئ في الرقاب الواجبة وغيرها ولد الزنا جماعة منهم : الزهري ، يروي عن عمر أنه قال : لأن أحمل على نعلين في سبيل الله أحب من أن أعتق ولد زنا .

34011 - ذكره ابن عيينة ، عن الزهري .

34012 - قال الزهري : لا يجزئ ولد الغية في الرقاب الواجبة ، ولا أم الولد ، ولا المدبر ، ولا الكافر .

34013 - وقال عطاء مثله ، وقد اضطرب عطاء في هذا المعنى .

34014 - وقال ابن جريج : قلت لعطاء : ولد زنا صغير ، أيجزئ في رقبة [ ص: 176 ] مؤمنة إذا لم يبلغ الحنث ؟ قال : لا ، ولكن كبير رجل صدق .

34015 - وعن ابن جريج أيضا قال : قلت لعطاء : الرقبة المؤمنة الواجبة ، أيجزئ فيها مرضع ؟ قال : نعم ، قلت : وكيف ، ولم يصل ؟ وراجعته ، فقال : ما أراه إلا مسلما ، وديته دية أبيه .

34016 - قال ابن جريج : وقال عمرو بن دينار : ما أرى إلا الذي قد بلغ وأسلم .

34017 - قال أبو عمر : اختلف قول الزهري في الصبي أيضا ; فروى الأوزاعي عنه ما تقدم ذكره ، وروى معمر ، عن الزهري ، قال : لا يجزئ في الظهار صبي مرضع .

34018 - قال أبو عمر : فإذا لم يجز في الظهار ، فأحرى ألا يجزئ في القتل ; لأن النص في الرقبة المؤمنة إنما ورد في القتل ، والظهار مقيس عليه .

34019 - وقال الشافعي - رحمه الله : وكذلك الشرط في العدالة والرضا في الشهداء ، وردا في آية الدين وآية الرجعة ، وقد أجمعوا في الشهادة في الزنا ، وغيره أنه لا يجوز في ذلك كله إلا العدول ، وكذلك الأيمان في الرقاب الواجبة ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية