الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
34562 - قال مالك : الأمر المجتمع عليه عندنا في المكاتب يكون بين الشريكين ، فإنه لا يجوز لأحدهما أن يقاطعه على حصته ، إلا بإذن شريكه ، وذلك أن العبد وماله بينهما ، فلا يجوز لأحدهما أن يأخذ شيئا من ماله إلا بإذن شريكه ، ولو قاطعه أحدهما دون صاحبه ثم حاز ذلك ، ثم مات المكاتب وله مال ، أو عجز لم يكن لمن قاطعه شيء من ماله ، ولم يكن له أن يرد ما قاطعه عليه ، ويرجع حقه في رقبته ، ولكن من قاطع مكاتبا بإذن شريكه ، ثم عجز المكاتب ، فإن أحب الذي قاطعه أن يرد الذي أخذ منه من القطاعة ، ويكون على نصيبه من رقبة المكاتب كان ذلك له ، وإن مات المكاتب وترك مالا استوفى الذي بقيت له الكتابة ، حقه الذي بقي [ ص: 282 ] له على المكاتب من ماله ، ثم كان ما بقي من مال المكاتب بين الذي قاطعه وبين شريكه ، وعلى قدر حصصها في المكاتب ، وإن كان أحدهما قاطعه وتماسك صاحبه بالكتابة ، ثم عجز المكاتب ، قيل للذي قاطعه : إن شئت أن ترد على صاحبك نصف الذي أخذت ، ويكون العبد بينكما شطرين ، وإن أبيت ، فجميع العبد للذي تمسك بالرق خالصا .


34563 - قال أبو عمر : ذكر ابن عبد الحكم هذه المسألة عن مالك ، وقد قيل : إنه قاطع بغير إذن شريكه ، ثم مات ، فإنه لم يأخذ الذي ما بقي من المال ، ثم يقتسمان الفضل ، فإن عجز فأراد أن يرد عليه نصف ما فضله ، ويكون على نصيب من العبد ، فذلك له ، والإذن وغير الإذن سواء ، إذا أراد أن يرد ما يفضله به ، وإنما يفترق إذا أراد المقاطع أن يحبس قاطعه عليه ، ويسلم حصته في العبد ، ويأبى ذلك الذي لم يقاطع ، فذلك للذي أباه ، ولا يكون ذلك للذي قاطع ، والقول الأول أحب إلينا .

34564 - قال أبو عمر : قد تقدم من أصل مذهب الكوفي ، والشافعي ، في قبض الشريك من كتابة المكاتب دون إذن شريكه وبإذنه ، والحكم في ذلك عندهم ما أغنى عن تكراره هنا .

34565 - وما قاله مالك فعلى أصله ، وعليه أصحابه ، إلا أشهب ; فإنه [ ص: 283 ] خالفه في شيء منه .

34566 - وروى أشهب ، عن مالك ، أنه قال في المقاطع من الشريكين إذا مات المكاتب فهو بالخيار ; إن شاء تمسك بانقطاعه ، وكانت تركة المكاتب للمتمسك ، وإن شاء رد على صاحبه نصف ما قاطع به المكاتب ، وكانت التركة بينهما .

34567 - وقال أشهب : ولست أرى ما قال ، وأرى أن يستوفي المتمسك ما بقي له من الكتابة ، والباقي بعد ذلك بينهما إن بقي شيء .

34568 - وفي ( ( المدونة ) ) لابن القاسم مثل قول أشهب .

34569 - ولم يختلفوا في المكاتب يقاطعه أحد سيديه ، ثم يعجز ، أنه على ما ذكره مالك ، في ( ( موطئه ) ) . هذا إذا قاطعه الشريك بإذن شريكه ، فإن قاطعه بغير إذنه ، ثم عجز المكاتب كان الشريك الذي لم يقاطع بالخيار ، إن شاء رد ذلك ، وإن شاء أجازه .

34570 - قال أشهب : فإن أجازه ، رجع بالخيار إلى المقاطع .

34571 - وروى ابن نافع ، عن مالك ، أن المقاطع لا يرجع في مال المكاتب ، ولا في رقبته ، إلا أن يأخذ المتمسك نصف ما قاطعه به ، ويرده من نصيبه إلى رقبة [ ص: 284 ] العبد إن عجز ، أو من ميراثه إن مات ; لأنه صنع ما لم يكن له جائزا .

34572 - وقال الشافعي ( في المزني ) : لو كان المكاتب بين اثنين ; فوضع عنه أحدهما نصيبه من الكتابة ، فهو كعتقه ، ويقوم عليه إن كان موسرا ، وكذلك إن أبرأه مما عليه ، والولاء له .

34573 - وقول المغيرة في ذلك كقول الشافعي .

34574 - وقال ابن القاسم : لا يعتق بذلك ; لأنه وضع مال .

34575 - قال أبو عمر : في هذا الباب في ( ( الموطأ ) ) مسائل ، فمعناها ، ومعنى ما تقدم سواء ، فلم أذكرها .

التالي السابق


الخدمات العلمية