الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
34772 - قال مالك : إذا كاتب المكاتب فعتق ، فإنما يرثه أولى الناس بمن كاتبه من الرجال ، يوم توفي المكاتب ، من ولد أو عصبة ،

قال : وهذا أيضا في كل من أعتق ، فإنما ميراثه لأقرب الناس ممن أعتقه من ولد أو عصبة من الرجال ، يوم يموت المعتق ، بعد أن يعتق ، ويصير موروثا بالولاء .


34773 - قال أبو عمر : على هذا قول جمهور الفقهاء ; أن ميراث الولاء ، لا يرثه إلا العصبات من الرجال دون النساء ، وأن النساء لا يرثن إلا ولاء من أعتقن ، أو كاتبن ، أو يعتق من أعتقن ، أو كاتبن ، ولا يستحق ميراث من مات من الموالي ، إلا أقعد الناس بمن أعتقه ، وأقربهم إليه يوم يموت المولي من عصبته .

34774 - والعصبة البنون ، ثم بنوهم وإن سفلوا ، ثم الأب بعد ولده ، وولد ولده ، ثم الإخوة ; لأنهم بنو الأب ، ثم بنو الإخوة وإن سفلوا ، ثم الجد أو الأب ، ثم العم ; لأنه ابن الجد ، ثم بنو العم ، وعلى هذا التنزيل ، وهذا المجرى يجري ميراث [ ص: 325 ] الولاء .

34775 - وروى ابن المبارك ، عن يونس بن يزيد ، عن الزهري ، أنه أخبره عن سالم ، أن ابن عمر ، كان يرث موالي عمر دون بنات عمر .

34776 - وهو قول علي ، وزيد ، وابن مسعود ، وعليه جمهور أهل العلم القائلون بأن الولاء للكبر .

34777 - ومعنى " الولاء للكبر " ، أي : للأقرب من المعتق السيد حين يموت المعتق المولى ، ولم يجعلوه مشتركا بين ذوي الفروض والعصبات على طريق الفرائض .

34778 - مثال ذلك : أخوان ، ورثا مولى كان أبوهما قد أعتقه ، فمات أحد الأخوين ، وترك ولدا ، ومات المولى ; فمن قال : ( ( الولاء للكبر ) ) قال : الميراث للأخ دون ابن الأخ .

34779 - وهو قول أكثر أهل العلم ، إلا شريحا وفرقة ; لأنهم جعلوا ميراث الولاء كميراث المال .

34780 - ذكر حماد بن سلمة ، عن قتادة ، أن شريحا ، قال في رجل ترك جده وابنه ، قال : للجد السدس من الولاء ، وما بقي فللابن .

[ ص: 326 ] 34781 - قال قتادة : وقال زيد بن ثابت : الولاء كله للابن .

34782 - قال حماد : وسألت عنها إياس بن معاوية ، فقال : كله للابن ، وقال كل إنسان له فريضة مسماة ، فليس له من الولاء شيء .

34783 - قال أبو عمر : يعني أن كل من لا يرث إلا بفرض مسمى ، فلا يدخل له في ميراث الولاء ، وأما من يرث في حال بفرض مسمى ، وفي حال بالتعصيب ، فإنه لا يكون له شيء من الولاء في الحال التي له فيها فرض مسمى ، وإن كان قد يكون عصبة في موضع آخر ، فيكون له الولاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية