الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
[ ص: 328 ] ( 9 ) باب الشرط في المكاتب

1512 - قال مالك في رجل كاتب عبده بذهب أو ورق ، واشترط عليه في كتابته سفرا أو خدمة أو ضحية : إن كل شيء من ذلك سمى باسمه ثم قوي المكاتب على أداء نجومه كلها قبل محلها .

قال : إذا أدى نجومه كلها ، وعليه هذا الشرط عتق فتمت حرمته ، ونظر إلى ما شرط عليه من خدمة أو سفر ، أو ما أشبه ذلك مما يعالجه هو بنفسه ، فذلك موضوع عنه ، ليس للسيد فيه شيء ، وما كان من ضحية أو كسوة أو شيء يؤديه ، فإنما هو بمنزلة الدنانير والدراهم ، يقوم ذلك عليه ، فيدفعه مع نجومه ، ولا يعتق حتى يدفع ذلك مع نجومه .


34787 - قال أبو عمر : هكذا هو في ( ( الموطأ ) ) .

34788 - وليس ذلك عندي بخلاف ; لأن ما ذكره ابن عبد الحكم ، إنما هو [ ص: 329 ] جواز ما تنعقد عليه الكتابة ، والذي ذكره مالك ، في ( ( الموطأ ) ) ، حكم ذلك تعجيل المكاتب كتابته .

34789 - وقد اختلف الفقهاء قديما وحديثا ، في هذا المعنى ; فمنهم من لم ير أن يثبت على المكاتب خدمة بعد أداء نجومه ، ولا بعد عتقه .

34790 - ومنهم من رأى أن السيد في ذلك على شرطه ، ولا يعتق المكاتب حتى يخدم ويأتي بجميع ما شرط عليه .

34791 - وحجة من ذهب إلى هذا حديث موسى بن عقبة ، وأيوب بن موسى ، وعبيد الله بن عمر ، وغيرهم ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن عمر بن الخطاب أعتق في وصيته كل مصل من سبي العرب في مال الله ، وشرط عليهم أن يخدموا الخليفة بعده ثلاث سنوات .

34792 - ومنهم من يروي في هذا الحديث ، أنه نبه على عتقهم في مرضه ، وشرط عليهم ، أن يخدموا الخليفة بعده ثلاث سنين .

[ ص: 330 ] 34793 - ومعمر ، عن ابن شهاب ، قال : أعتق عمر بن الخطاب ، رقيق الإمارة ، وشرط عليهم أن يخدموا الخليفة بعده ثلاث سنين ، وأنه يصحبكم بمثل ما كنت أصحبكم به .

34794 - وابتاع أحدهم خدمته من عثمان بوصيف له .

34795 - وممن رأى أن هذا الشرط باطل ; ابن المسيب ، وشريح ، وعطاء .

34796 - قال ابن جريج : قلت لعطاء : شرطوا على المكاتب ، أنك تخدمنا شهرا بعد العتق ، قال : لا يجوز .

34797 - وقال عمرو بن دينار : ما أرى كل شرط اشترط عليه في الكتابة إلا جائزا بعد العتق .

34798 - ومعمر ، عن ابن المسيب ، عن قتادة ، قال : كل شرط بعد العتق ، فهو باطل .

34799 - وقاله ابن شهاب .

34800 - قال أبو عمر : القياس ألا يعتق إلا بعد الخروج مما شرط عليه ; لأنه عتق نصفه ، فلا يقع بوجودها ، وليست الكتابة اشتراء منه لنفسه من سيده ; لأنه [ ص: 331 ] لو كان كذلك ، لم يعد بالعجز عن الأداء رقيقا ، ولكان ذلك في ذمته كسائر أثمان السلع المبيعة بالنظرة ، ولم يجب لهذا العبد أن يعتقه سيده ، على أن يخدمه سنين معلومة ، أنه لا يعتق إلا بذلك .

34801 - وقيل : قيل : إن مالكا إنما أسقط عن المكاتب إذا عجل نجومه الخدمة اليسيرة ، والأسفار القليلة ، وليس في قول مالك ، في ( ( الموطأ ) ) ما يدل على ذلك ، ولا يهمنا القول أيضا معنى إلا التحكم في الفرق بين يسير الخدمة وكثيرها .

التالي السابق


الخدمات العلمية