الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
35044 - قال مالك : فإن مات سيد المدبر ، وعليه دين محيط بالمدبر بيع في دينه ; لأنه إنما يعتق في الثلث .

قال : فإن كان الدين لا يحيط إلا بنصف العبد ، بيع نصفه للدين ، ثم [ ص: 388 ] عتق ثلث ما بقي بعد الدين .


35045 - قال أبو عمر : قد بين مالك ، رحمه الله وجه قوله ومعناه ، وذلك أن المدبر في الثلث ، وكل ما كان في الثلث ، فهو يجري مجرى الوصايا .

35046 - وقد أجمع علماء المسلمين ، على أن الدين قبل الوصية ، وقبل الميراث ، وأن الوصية لا يتعدى بها الثلث ، فلهذا قال : إن المدبر كله في الدين ، إن كان الدين يحيط به ، أو يباع بعضه على قدر الدين ، وما بقي فهو في الميراث ; تنفذ الوصية في ثلثه ، قل أو كثر ، وثلثاه للورثة .

35047 - ومن أصله أن من كان عليه دين لم يجز له عتق ولا تدبير ، ويرد عتقه وتدبيره ; لأن الدين أداؤه فرض ، والعتق تطوع .

35048 - وأما الكوفيون ، وأبو حنيفة وأصحابه ، والحسن بن حي ، وهو قول الأوزاعي ، يقولون : إذا كان الدين على سيد المدبر مثل قيمته أو أكثر ، سعى في قيمته ، ولا يباع شيء منه في الدين .

35049 - ومن حجتهم ، أن المدبر ، لما لم يجز بيعه في الحياة ، من أجل الحرية التي يستحقها بالموت ، كان أولى ألا يباع في الحال التي يستحق فيها الحرية ، وهي موت سيده .

35050 - وأما الشافعي ; فالمدبر عنده وصية يبيعه سيده في حياته إن شاء ، [ ص: 389 ] وبيعه له رجوع فيه كما يرجع في وصيته ، ويباع في الدين كما يباع في غير المدبر .

35051 - قال أبو عمر : ولو أعتق عبده في مرضه عتقا بتلا ، ولا مال له غيره ، وعليه دين يحيط بثمنه بيع في الدين ، ولم ينفذ عتقه .

35052 - وهو قول مالك ، وابن أبي ليلى ، وجماعة منهم أحمد ، وداود .

35053 - وقال أبو حنيفة وأصحابه : ينفذ عتقه ، ويسعى في قيمته .

35054 - وهو قول الثوري ، وابن شبرمة ، وعثمان البتي ، وعبيد الله ، والحسن ، وسوار ، وهو قول إبراهيم النخعي .

35055 - قال أبو عمر : قد بينا فساد هذا القول في ما تقدم ، فلا معنى لإعادته .

التالي السابق


الخدمات العلمية